برلين ــ غسان أبو حمد
تعتزم شركة صناعة الطيران الأوروبية «إيرباص»، التابعة لمجموعة الطيران والدفاع الأوروبية (إي إيه دي إس)، في المستقبل القريب، نقل نحو 50 في المئة من مصانعها من أوروبا إلى منطقة «جغرافيّة ـــــ ماليّة» وصفها رئيس المجموعة، لويس غالوا، بأنّها «منطقة الدولار»، وذلك ضمن إطار خطة إعادة الهيكلة بعدما أصبح انخفاض سعر صرف الدولار «قاتلاً» بالنسبة إلى استمرارها في الإنتاج بحسب البرامج الزمنية ـــــ الماليّة المعدّة مسبقاً.
وذكر غالوا أنّ بين البلدان التي ستستضيف المصانع، الهند والصين وبعض الدول العربية. وقال إنّ هذا الإجراء يأتي في إطار الخطوات التقشّفية التي قرّر مجلس إدارة الشركة اتباعها، بعد ملامسة سعر صرف اليورو في البورصة المالية العالميّة عتبة دولار ونصف دولار في سجلّات المصارف قبل أيام. ورأى أنّ هذا التبدّل هو الذي يهدّد استمرار معظم الصناعات ذات التقنيّة العالية بسبب تكبّدها خسائر فادحة في عمليات الإنتاج، وقد انتشرت حالة من القلق والخوف على المستقبل بين عمّال «إيرباص» في ألمانيا.
وكان مدير «إيرباص»، توماس آندرز، قد أكّد عزمه التطبيق السريع لهذه الخطوات لإنقاذ الشركة من أزمتها المالية المستمرة منذ أعوام، فيما حذّر العديد من المراقبين من تداعيات انخفاض سعر الدولار، معتبرين أنّ الارتفاع المقابل لليورو هو بمثابة عبء كبير على الشركة حيث إن أيّ نسبة بسيطة في ارتفاع اليورو، ولو بقيمة عشرة سنتات في مقابل الدولار، تقابلها خسارة تقارب مليار يورو!.
ويعتزم آندرز إجراء مراجعة كاملة لأداء الشركة، بما في ذلك تطوير نماذج طائرات جديدة، وبناء مصانع جديدة في منطقة الدولار لخفض كلفة الإنتاج، في مقابل بيع بعض المصانع في أوروبا. وفي هذا الصدد، أفادت مصادر مطّلعة بأنّ الشركة باشرت فعلاً شطب نحو 10 آلاف وظيفة وبيع مصانع في إطار خطة إعادة الهيكلة، المعروفة بـ«باور ــ 8»، بعدما أدّى التأخير في تسليم طائرتها العملاقة «إيه ــ 380» في الماضي إلى تكبّد خسائر مالية كبيرة.
وعلى رغم أنّ «إيرباص» حققت إنجازاً بانتزاعها عقود شراء لطائراتها بقيمة 202 مليار دولار كانت تقدّمت بها شركة طيران الإمارات في معرض الطيران الذي أقيم في دبي أخيراً، ونجحت في الحملة الدعائية الكبيرة التي رافقت أولى رحلاتها على الخطوط السنغافوريّة، فإنّ نقابة عمالها ونقابة عمّال الصناعات الألمانية انتقدتا تصريحات الرئيس التنفيذي للشركة.
وأكد رئيس مجلس العمّال في «إيرباص»، روديجر ليوتين، أنّ الحديث عن تهديد لمصير الشركة ليس مطروحاً. وقال لصحيفة «برلينر تسايتونغ» «لا يمكن إدارة الشركة أن تثير الزوابع الصحافية باستمرار، بل ينبغي عليها معالجة المشكلات القائمة المرتبطة بطائرتي الركّاب إيه 380 وإيه 350، وكذلك طائرة النقل إيه ـــــ 400 إم». وأضاف أنّه بدلاً من تبرير إعادة هيكلة الإنتاج بارتفاع سعر الدولار فقط، ينبغي على إدارة الشركة أن تعيد التفكير في أسعار طائراتها وأن تبحث عن إمكانيّات تمويل جديدة.
ومن جهتها، تشكّكت نقابة عمّال الصناعات الألمانيّة، التي تمثّل حوالى 2.5 مليون عامل، في قدرة الإجراءات التقشفيّة أو إعادة الهيكلة على المساهمة في الحلّ. وقال المتحدّث باسم النقابة، دانيل فريدريش، إنّ الإدارة لم تقدّم حتى الآن أيّ خطة اقتصاديّة لجدوى بيع بعض المصانع. وأضاف «نحن لا نعتقد بأنّ على المرء أن يربط الإنتاج بشمّاعة الدولار هكذا، في شركة بُنيت من أموال دافعي الضرائب الأوروبيّين».