حيفا ــ فراس الخطيب
الصحف العبرية المعروضة في المحال التجاريّة في مركز مدينة حيفا القديم، وأنابوليس على صفحاتها الأولى، لا تعكس بالضرورة سلّم أولويّات الناس في الشارع. فبالنسبة إلى الكثير من الإسرائيليّين، المؤتمر الدولي «مجرّد قمّة لا معنى لها»، و«لن يتمخّض عنها شيء»، و«الفلسطينيّون لا يريدون سلاماً أصلاً»، رغم أن البعض يرى فيه «فرصة لا تعوّض».
على باب إحدى العمارات الضخمة في مركز المدينة القديم، يقف رجل أمن روسي يرتدي الأزرق، مدجّج بالسلاح وبأجهزة لفحص الداخلين إلى المبنى. حين تسأله عن أنابوليس، يقول إنَّه «لا يقرأ من الصحيفة سوى صفحة الرياضة» وأنَّ القضية لا تشغله إلى هذا الحدّ. إلّا أنّه يتدارك نفسه ويسترسل: «أسمع دائماً عن القمّة في الأخبار، لكنَّ شيئاً لن يتمخّض عنها، فالطرف الآخر (الفلسطينيّون) لا يعترفون بنا، كيف سنجلس معاًً؟».
وإلى جانب إحدى الطاولات في مقهى «نيتسا» في حيّ الهدار، يجلس رجل في الخمسينيات من عمره متمعّناً في صحيفة «هآرتس». يقرأها بحرص. يقول إنّه «يعمل في مكتب حسابات» لكنّه مطّلع «على الشأن السياسي بشكل مثابر ودائم». لا يحتاج إقناعاً للحديث، ويرى أنَّ أنابوليس «فرصة لحل الصراع». يضيف أنّه «علينا استغلال كل فرصة، وأنابوليس بداية لشيء ما علينا استغلاله. صحيح أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود) أولمرت ليس (رئيس الوزراء السابق إسحاق) رابين ولا يملك شجاعته، لكن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن يبدو إنساناً طيباً وهو أفضل من (الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر) عرفات».
يقاطعه شابّ جالس إلى جانبه بالقول: «عن أيّ فرصة تتحدّث؟ ماذا حصل بعد أوسلو؟ تفجيرات في الحافلات؟ خدعنا عرفات بعد تلك القمّة، لا أذكر اسمها (قصد كامب ديفيد) إلّا أنّني أذكر أنّ بعدها بدأت الانتفاضة. إشرب قهوتك، لا يوجد حلّ الآن».
فتاة يهودية، تجاوزت 18 عاماً بقليل، في محال «موشيه» للحلويات. أنابوليس لا يأتي بحسبانها طبعاً. حين تسألها عن الفلسطينيّين، تقول إنّها «تسمع عن الفلسطينيّين لكنّها لم تتحدّث إلى فلسطيني بحياتها كلها». وتتابع أنّها «تحدّثت كثيراً إلى العرب، لكنها تخاف من الفلسطينيّين». ومع مرور الحديث، لا تقتنع بأنَّ العرب الذين يسكنون حيفا هم أيضاً فلسطينيّون، ولا تقبل التعريف «لا، هؤلاء عرب. والفلسطينيّون في غزة والضفة هم فلسطينيّون».
الفتاة لا تعرف سوى أنّ أنابوليس مدينة جميلة موجودة في الولايات المتّحدة. وهي تحب أميركا وتقول «أحبّ جنود البحرية الأميركية الذين يأتون إلى حيفا أحياناً. وأنا أحبّهم لأنّهم وسيمون. إلّا أنّ السياسة لا تهمّني».