واشنطن ـ محمد سعيد
أول بنود «إعلان المبادئ» الذي وقّعه كل من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي والرئيس الأميركي جورج بوش، نصّ على أنّ الهدف منه أن يكون تمديد تفويض مجلس الأمن الدولي لقوات الاحتلال في العراق، الأخير من نوعه. غير أنّ جدلاً قانونياً ودستورياً داخل المؤسّسات العراقية الرسمية، يطرح علامات استفهام حول مشروعيّة هذا التفويض الذي يُتوقَّع أن يقرّه مجلس الأمن في غضون الأسبوعين المقبلين، حيث إنّ قرار التفويض الممنوح للاحتلال ينتهي مفعوله في 31 كانون الأوّل المقبل.
وكانت الأمم المتّحدة قد بدأت منح هذه القوّات غطاءً شرعيّاً دوليّاً بعد سبعة أشهر من الغزو الأميركي، تحديداً منذ 16 تشرين الأوّل 2003، من خلال قرارات مجلس الأمن: 1511 و1546 في 8 تمّوز 2004 و1637 في11 تشرين الثاني 2005، و1723 في 28 تشرين الثاني 2006.
وكان مجلس الأمن قد اعتمد القرارين الأوّلين لتفويض مهمة قوّات الاحتلال على أساس أنّ الحاجة إلى وجود القوات الأجنبية في العراق ستنتهي حال انتهاء «العملية السياسية»، أي كتابة دستور جديد والقيام بانتخابات تشريعيّة. إلا أنّ المجلس مرّر القرار 1637 لتجديد مهمّة «القوّات المتعدّدة الجنسيات» عاماً آخر قبيل الانتهاء من التحضيرات النهائية للانتخابات العراقيّة. لكن ما فاجأ مراقبي الشأن العراقي كان قرار التمديد الثالث في العام الماضي، الذي تمّ، بحسب التصريحات الرسمية لمجلس الأمن والحكومة الأميركيّة، بناءً على طلب الحكومة العراقية، وذلك رغم إقرار الدستور الجديد عام 2005، الذي انبثقت عنه انتخابات تشريعية نقلت «السيادة رسميّاً» إلى الحكومة التي شكّلها نوري المالكي.
وكشفت مصادر عراقية أنّ صراعاً دستورياً وسياسياً يسود بين الحكومة ومجلس النوّاب بشأن تجديد تفويض الأمم المتحدة. وأوضحت أنّ المجلس رفض فكرة التمديد غير المشروط للتفويض، بينما تقدّمت الحكومة إلى مجلس الرئاسة العراقية، الحكومة تريد تجديداً غير مشروط لتفويض قوات الاحتلال علماً أنّ الدستور يحصر الحقّ في ذلك بالبرلمان
بفكرة التجديد غير المشروط عاماً أخيراً، علماً أنّ الفقرة الرابعة من المادّة الـ58 من الدستور الحالي، تعطي البرلمان الحق الحصري في المصادقة على المعاهدات والاتفاقات الدولية.
لذلك، قام مجلس النوّاب العراقي بالعمل على خطوتين مبكرتين هذا العام لتحاشي الوقوع في أخطاء العام الماضي نفسها. الأولى، كانت توجيه رسالة في 28 نيسان الماضي إلى مجلس الأمن والأمانة العامّة للأمم المتحدة لتوضيح الخروق الدستورية التي ارتُكبت في عدم الرجوع إلى النوّاب قبل تجديد التفويض. لكنّ مصادر عراقيّة وأمميّة أكدت أنّ الرسالة التي سُلِّمت إلى ممثل الأمين العام للمنظمة الدولية في العراق أشرف جهانجير قاضي لم تصل إلى بان كي مون ولا إلى أعضاء مجلس الأمن، وذلك بضغط أميركي.
أمّا الخطوة الثانية، فكانت إمرار قرار خلال الجلسة الـ32 لمجلس النواب العراقي في 5 تموز الماضي، لتثبيت أنّ تجديد تفويض الأمم المتّحدة يقع ضمن خانة الاتفاقات والمعاهدات الدولية، وبالتالي ضمن أحكام الفقرة الرابعة من المادة الـ58. وتمّ اعتماد القرار بغالبيّة النوّاب، ومن ثمّ أُرسل إلى مجلس الرئاسة.
وفي السياق، ذكر التقرير الأخير لبان، الذي قدّمه في منتصف الشهر الماضي، أنّ مجلس النوّاب العراقي قد اعتمد في 5 تمّوز قراراً «غير ملزم» يطلب موافقته على أيّ تمديد مقبل «للولاية الناظمة للقوّة المتعدّدة الجنسيات في العراق وإدراج جدول زمني لرحيلها عن العراق». إلّا أنّ المصادر التشريعية العراقية أكّدت، لـ «الأخبار»، مجدّداً أنّ القرار ملزم وقانوني.