لا يقتصر دور حرس الثورة الإسلامية الإيراني، على الطابع العسكري، بل هناك مجالات أخرى تنشط فيها هذه المؤسسة، مثل مصانع سيارات وشركات بناء، ووسائل إعلامية، إضافة إلى حقول نفط، ومؤسسات رسمية ومراكز قرار. أحيانا يكون هذا الدور واضحاً، وأحياناً في الظل. وسرَّع انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد بقوة زيادة نفوذ الحرس، الذي يصفه المؤيدون بـ«نخبة ايران». ويتطلع أنصار المرشد آية الله علي خامنئي والمقربون منه، ومنهم نجاد، إلى تعزيز السلطة من طريق وضع «الحلفاء» في المواقع الأساسية. لكن زعيم أكبر حزب إصلاحي، محسن مردامادي، يرفض دعم هذه المؤسسة ويقول: «نحن لا ندعمهم، بل على العكس في حال تغيُّر الحكومة. لكن ببطء»، في إشارة إلى تمدد نفوذ الحرس. ويملك الحرس الآن أو يسيطر على شركات متعددة، تستهدف الربح، وتحظى عادة بعقود الحكومة المتعلقة بصناعة النفط والغاز، والزراعة، وإنشاء الطرقات والسدود، ويُعلَن فوزهم بالمناقصات في صحف طهران. غير أن بعض العقود الأخرى الخاصة بالحرس تبقى سرية.
ويعتقد الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، مهدي خلاجي، أن شركة إيرانية تنتج سيارات يابانية مملوكة للحرس الثوري، مشيراً إلى «قيامهم بإنشاء مرافئ من أجل استيراد سلع أجنبية إلى إيران، من دون دفع ضرائب».
ويقول الباحث الإيراني ـــــ الأميركي، كريم سجاد بور، الذي يعمل لدى مؤسسة «كارنغي» للسلام الدولي في واشنطن: «غالباً، تربح شركات مملوكة للحرس الثوري بمناقصات خاصة بالنفط أو بمشاريع بناء وتلزمها لآخرين، هي تتصرف جوهرياً مثل مافيا خاصة»، مشيراً إلى أن أحد العقود بلغت قيمته 2 بليون دولار في 2006 من أجل تطوير حقول الغاز.
أماَّ الخبير لدى مجلس العلاقات الأجنبية في نيويورك، راي تقي، فيشير إلى أن الحرس «فازوا أيضاً بعقود في مجال الاتصالات المُربِح». ويقول إن «هناك صلات (للحرس) بمختبرات جامعية، وصانعي أسلحة وشركات مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني»، مضيفاً أن «ثمة مهمة مزدوجة لهذه المؤسسة، التي دخلت حقول أعمال عديدة: لديها مصانع تستخدم عسكرياً ومدنياً في آن».
و«تفتقد عقود الحكومة غالباً أي مراقبة مستقلة؛ فعلى سبيل المثال، عملية إقرار الموازنة في البرلمان تخوِّل المشرعين تحويل أموال إلى عمليات خارجية، من دون رقابة مشددة»، حسبما يفيد محللون، يؤكدون أن «هناك على الأقل 80 نائباً أعضاء سابقين في الحرس الثوري، من أصل 290 نائباً، وأن هناك آخرين يعملون رؤساء بلديات ومحافظين، حتى إن نجاد نفسه، كان مسؤولاً سابقاً في الحرس، ثم أصبح رئيساً لبلدية مدينة طهران قبل انتخابه رئيساً للبلاد».
ويقدر عدد عناصر حرس الثورة الإسلامية بـ 125 ألفاً، وقد أُسس في بداية انتصار الثورة عام 1979 في موازاة الجيش الإيراني الذي تدرب في زمن الشاه محمد رضا بهلوي، على أيدي الأميركيين.
وتأتمر هذه المؤسسة، التي أدت دوراً كبيراً في الحرب الإيرانية العراقية (1980ـــــ 1988) بأوامر خامنئي، وهي تمسك بالأمن الداخلي الإيراني. أمّا جناح «فيلق القدس»، فيُعتَقَد أن مجال عمله خارج البلاد. وعلى المستوى الإعلامي، يدير العضو السابق في الحرس الثوري حسين شريعتي مداري، المقرب من خامنئي، مجموعة «كيهان» الإعلامية من صحف ومجلات في طهران. ويصف الخبير الإيراني تقي، الحرس بأنهم مغامرون في الأعمال التجارية «الغامضة، ومن الصعب استهدافهم بدقة». لكنه يضيف أنه «ليس كل أعضاء الحرس السابقين متشددين. هناك الكثير منهم أيضاً ينشطون في حركات إصلاحية وفي المعارضة، ما يجعل الطابع الإرهابي لهذه المؤسسة إكثر إشكالية».
(أ ب)