ردّت إيران بإيجابية أمس على إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش الأربعاء عن رغبته في الحوار معها عندما توقف تخصيب اليوريانيوم، معلنةً استعدادها لإجراء «محادثات من دون شروط»، فيما تزايدت حدة التوتر في العلاقات الإيرانية ـــــ الفرنسية، مع وصف طهران لمواقف باريس تجاهها بأنها «غير واقعية».في هذا الوقت، أفادت صحيفة «الأوبزيرفر» البريطانية أمس أن العلاقات الدبلوماسية بين بريطانيا والولايات المتحدة تشهد توتراً متزايداً بعدما شكك باتريك ميرسر، المستشار الأمني لرئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، بالروايات الأميركية عن القدرات العسكرية لإيران.
وقالت الصحيفة إن حث المستشار الأمني براون على «التعامل بمبدأ الشك مع أي تبريرات أميركية لشن هجمات جوية ضد إيران، مع قيام مجموعة محافظة أميركية جديدة على صلات قوية بالبيت الأبيض تدعى (فريدوم ووتش) بشن حملة سياسية لتكوين قضية ضد طهران، تثبت أنها تمثل تهديداً للولايات المتحدة وإسرائيل ويتعين وقفها».
ونسبت «الأوبزيرفر» إلى ميرسر، الذي زار طهران أخيراً، قوله إن «هناك قلقاً متزايداً في شأن الدليل الذي تعدّ له أميركا حول تورّط الجيش الإيراني».
لكن ميرسر، الذي قبل الشهر الماضي منصب المستشار الأمني لدى براون، كشف أن «القادة العسكريين البريطانيين ناقشوا قضية إيران مع نظرائهم الأميركيين، لكنهم لم يعرضوا عليهم أي دعم إذا ما قررت بلادهم شن غارات جوية على طهران».
وفي طهران، رأى وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أن رغبة الرئيس الأميركي جورج بوش في التحدث مع طهران دليل على «إذعانه لمنطق إيران». وأضاف، في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإيراني، «استسلم بوش في النهاية للمنطق الواضح والشفاف الذي تمثله إيران».
بدوره، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية، محمد علي حسيني، أن «إيران مستعدة للمحادثات (مع واشنطن) من دون شروط وبكل احترام»، مشيراً الى أن «دعوة بوش ليست جديدة، لكنها كانت أكثر وضوحاً من المرات السابقة».
ووصف متكي شرط وقف تخصيب اليورانيوم الذي طرحه بوش بأنه «خطابي». لكنه قال إن بوش سيخسر الكثير إذا رفض الطلبات التي وجهها إليه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لعقد مناظرة بينهما.
وأوضح متكي أن اتهام وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، في رسالته الى دول الاتحاد الأوروبي، إيران بأنها تسعى إلى امتلاك قنبلة نووية، «لا أساس له». وقال «سأرسل إليه خلال الأيام القليلة المقبلة رسالة، وسأرسل نسخة منها الى نظرائه الأوروبيين، وسأذكّرهم كيف كانت تصريحات السيد كوشنير غير منطقية وغير قانونية»، مضيفاً «لا بد أن يتلقّوا رسالة واضحة ومفادها أنه بشأن هذه القضية فإنه لا يمكن مقايضة حق إيران (النووي). هذا أمر لن يتراجع عنه أحد في الجمهورية الإسلامية».
أمّا حسيني، فقال من جهته، «أكدنا في مواقفنا الرسمية، وخلال اللقاءات مع المسؤولين الفرنسيين، أن التوجهات المتشددة وغير المنطقية لم تعطِ أي نتيجة حتى الآن»، مضيفاً إن «مواصلة الحكومة الفرنسية الجديدة لمواقفها هذه، التي تمثّل ابتعاداً عن المواقف التقليدية لفرنسا، سيضُّر بالمكانة التقليدية لهذا البلد».
وكانت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية «اسنا» قد نقلت عن وزير النفط بالإنابة، غلام حسين نوذري، قوله إن «احتياطيات إيران وسوقها مغريان جداً للفرنسيين بدرجة يصعب عليهم معها التخلي عنها»، في إشارة الى عمل الشركات الفرنسية في ايران.
وفي السياق، يُقام في مدينة خورمشهر جنوب إيران قريباً معرض تحت عنوان «تواطؤ فرنسا مع (الرئيس العراقي الراحل) صدام (حسين) في جرائمه ضد الشعبين الإيراني والعراقي»، حسبما ذكرت وكالة «ارنا».
وأوضح حسيني، من جهة أخرى، أن من المقرر عقد المزيد من المحادثات التقنية مع خبراء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول أجهزة الطرد المركزي الإيرانية من طراز «بي1» و «بي2» غداً الثلاثاء.
وأعلنت إيران أنها تعد مشروعاً لـ «السياحة النووية» يتيح للزائرين الأجانب زيارة المنشآت النووية في البلاد، مشيرة إلى أن ذلك يساعد على إثبات سلمية برامجها في هذا المجال، حسبما ذكرت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية.
إلى ذلك، رأى زعماء منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي عقدت أول من أمس قمة في العاصمة الطاجيكية دوشانبه، أنه ينبغي حل القضية النووية الإيرانية سلمياً. وأعرب قادة الدول الأعضاء في هذه المنظمة (روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزيا وطاجكستان وأوزبكستان) عن قلقهم الشديد من الوضع الذي أخذ ينشأ حول برنامج إيران النووي، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي».
(يو بي آي، اب، مهر، ارنا،
اسنا، أ ف ب، رويترز)