strong>إدارة بــوش تستغيــث: قانــون «إبــادة الأرمــن» سينســف جهودنــا في العــراق وأفغانستــان!
توزّعت الاهتمامات التركيّة أمس على جبهتين، الأولى في واشنطن حيث اجتمعت لجنة الشؤون الخارجية الأميركية في الكونغرس للتصويت على مشروع قانون «إبادة الأرمن»، فيما استمرّ التوتّر على الجبهة الثانية على الحدود العراقية مع المقاتلين الأكراد بعد تصاعد أعمال القصف الجوّي والبرّي وتأكيد رئيس الحكومة التركيّة رجب طيّب أردوغان على قرار حكومته السير قدماً بطلب التفويض من البرلمان لغزو واسع لشمال العراق.
وبدا الرئيس الأميركي جورج بوش أمس كأنه يستغيث وهو يطالب أعضاء الكونغرس بعدم الموافقة على نصّ مشروع القانون الذي قدّمه الديموقراطيّون لتصنيف المجازر التي ارتكبَتها السلطات العثمانية بحق الشعب الأرمني تحت صفة «الإبادة الجماعية»، معتبراً أنّ ذلك قد يُلحق «ضرراً كبيراً» بالعلاقات مع تركيا.
وقال بوش «إنني أدعو أعضاء الكونغرس الى معارضة النص المتعلق بإبادة الأرمن الذي يجري حالياً تداوله في لجنة الشؤون الخارجية». وأضاف «إننا نأسف جميعاً لمعاناة الشعب الأرمني، لكنّ هذا النص ليس الجواب المناسب على عمليات القتل الجماعية التي شهدها التاريخ، والمصادقة عليه ستُلحق ضرراً كبيراً بعلاقاتنا مع حليف رئيسي لنا في الحلف الأطلسي وحربنا على الإرهاب».
بدورها، أعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أنّه إذا تمّت المصادقة على النص فإن هذا الأمر «سيطرح مشكلة» للعلاقات مع تركيا والسلام عموماً في الشرق الاوسط، وأنّ إقرار هذا النص «سينسف جهودنا في العراق وأفغانستان».
وفي السياق، أشار وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، بعد لقائه رايس، أمس، إلى أنّ نحو 70 في المئة من الشحنات المخصّصة للقوّات الأميركية في العراق تمرّ عبر تركيا.
وكانت أنقرة قد حذّرت في الأسابيع الأخيرة من إمرار النص. ولوّح عدد من المسؤولين الأتراك إلى أنّ هذا الإجراء سيضطرّ أنقرة إلى منع الولايات المتحدة من استخدام قاعدة أنجرليك العسكريّة في جنوب البلاد.
في هذا الوقت، أكّد أردوغان أمس أن حكومته تعدّ خططاً للتفويض بعمل عسكري في شمال العراق «لسحق المقاتلين»، رغم المناشدات والتحذيرات التي صدرت عن كل من واشنطن وموسكو والمفوّضيّة الأوروبية.
وردّاً على سؤال بشأن خططه العسكريّة والبرلمانية، قال أردوغان للصحافيّين، لدى وصوله إلى البرلمان، «بدأت الاستعدادات البرلمانية والعسكرية بشأن هذا الاقتراح وهي مستمرة». لكنّ بعض الصحف التركيّة توقّعت ألّا يُرسل الاقتراح الحكومي إلى البرلمان حتّى الأسبوع المقبل لاقتراب عطلة عيد الفطر.
وأشار بعض المحلّلين، في ضوء توقيت أحدث التهديدات التركية بالتوغل في شمال العراق، إلى أنّها ربما تستهدف في جانبها الأكبر التأثير على أعضاء الكونغرس الأميركي في واشنطن كي لا يؤيّدوا قرار تصنيف المجازر ضدّ الأرمن ضمن «الإبادة الجماعية».
وقال التلفزيون التركي إنّ الجيش التركي، وهو ثاني أكبر جيش في حلف شمالي الأطلسي، شنّ هجوماً جديداً على مقاتلي حزب «العمال الكردستاني» في إقليم تونجلي الكردي في شرق البلاد. كذلك اشتدّت الأعمال الحربيّة التي يقودها الجيش على المناطق الحدودية مع العراق، حتّى أنّ القصف الجوّي انهال على مناطق داخل كردستان العراق.
في المقابل، أكّد مسؤول عسكري كردي عراقي، أمس، أنّ قوّات الجيش العراقي وقوّات حرس حدود إقليم كردستان (البيشمركة) سوف تتصدّى للقوّات التركية «وسوف يواجه بمقاومة شاملة من قوات البيشمركة الكردية والمقاومة الشعبية إذا ما قرّرت اختراق الحدود والتوغّل داخل الأراضي العراقية»، مشدّداً على أنه لا يحق لأردوغان أن يقرّر «خرق حدود الدول الأخرى».
إلى ذلك، أفادت مصادر محلية تركيّة بأنّ الشرطة التركية اعتقلت عشرين ناشطاً كردياً يشتبه في أنهم «تلقّوا أمراً بإشاعة مناخ من الفوضى بين السكان» في جنوب شرق تركيا، بينما استهدفت عبوة ناسفة موكباً للشرطة في جنوب شرق البلاد على الحدود مع العراق.
وتتّجه أنقرة حالياً إلى فرض عقوبات اقتصادية لعزل إقليم كردستان العراق، الذي تدرّ عليه التجارة الحدودية ملايين الدولارات ويتغذّى بالتيار الكهربائي من الأراضي التركية، علماً أنّ هذا الملف سيحتلّ الأولويّة على جدول أعمال اللقاء بين أردوغان وبوش في البيت الأبيض في تشرين الثاني المقبل.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)