strong>«الحركة الشعبية» تحتج على 3 نقاط... والبشير يدرس «التدابير اللازمة»
في خطوة تحمل بوادر انفصال مبكر لجنوب السودان قبل الاستفتاء على تحديد المصير، أعلنت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» أمس، تعليق مشاركتها في الحكومة المركزية حتى تسوية الخلافات العالقة مع «حزب المؤتمر الوطني» بشأن تنفيذ بعض بنود اتفاقية السلام.
وجاء إعلان الحركة، في بيان أعقب اجتماعات لقيادتها استغرقت أسبوعاً، في عاصمة الجنوب، جوبا.
وتحدّثت الحركة عن 3 خلافات رئيسية حول تقدّم النظام نحو مزيد من الديموقراطية وانسحاب القوّات الشمالية من المواقع التي تتمركز فيها في الجنوب ومصير منطقة أبيي الواقعة بين الشمال والجنوب ويتنازع عليها الطرفان.
وردّاً على القرار أوضح «المؤتمر الوطني»، الذي يتزعّمه الرئيس عمر البشير، أنّه سيتّخذ تدابير على ضوء هذه التطوّرات بعد دراسة البيان وإجراء الاتصالات اللازمة في هذا الخصوص.
وبعد ساعات على الإعلان، أوضح المتحدّث باسم الحركة، ياسر عرمان، أنّ قرار تجميد المشاركة لا يشمل رئيس الحركة، سلفا كير، الذي يشغل منصب النائب الأول للبشير. وبيّن أنّ سبب التجميد يعود إلى تعدّي «المؤتمر الوطني» على صلاحيات الحركة في اختيار ممثليها في الحكومة المركزية، إضافة إلى القضايا العالقة بشأن تنفيذ بعض بنود اتفاقية السلام.
وأشار عرمان إلى أنّه تمّ تشكيل لجنة لإدارة الأزمة، برئاسة رئيس القطاع الشمالي للحركة، مالك عقار، وتضمّ عدداً من أعضاء المكتب السياسي، بينهم الأمين العام للحركة، باقان أموم، مشدّداً الالتزام باتفاقية السلام لحين حلّ الخلافات.
وتتهم «الحركة الشعبية» شريكها في الحكم بالمماطلة والتسويف في تنفيذ بعض بنود اتفاقية السلام الشامل، التي وقعها الطرفان في نيروبي في كانون الثاني من عام 2005 بوساطة أفريقية ورعاية أميركية، من أجل إنهاء أكثر من 20 عاماً من الحرب الأهلية في جنوب السودان.
وتتركز الخلافات بين الطرفين حول تبعية منطقة أبيي، الواقعة على التماس بين الشمال والجنوب، حيث يرفض «المؤتمر الوطني» القبول بتوصية لجنة وساطة دولية، كانت قد تشكّلت وفق اتفاقية السلام، بتبعية المنطقة لجنوب السودان. بينما تقول «الحركة الشعبية» إنّ الجيش السوداني لم يكمل انسحابه خارج حدود جنوب السودان، وخصوصاً في مناطق حقول النفط، حسبما ينص على ذلك بروتوكول الترتيبات الأمنية الذي يقضي بانسحابه خارج الجنوب بحلول 9 تمّوز الماضي.
وتقول الحركة إنّ تأخير معرفة آبار النفط الموجودة داخل حدود جنوب السودان يؤثّر على تحديد حجم نصيبها من عائدات النفط. ويتّهم قادة فيها الحزب الحاكم بفرض إرادته لأنه رفض توصية بإجراء تعديل لبعض وزرائه في الحكومة المركزية، بينهم وزير الخارجية لام أكول، الذي يصفه منتقدوه في الحركة بأنّه ينفذ السياسة الخارجيّة لـ«المؤتمر الوطني».
ويعتقد مراقبون أن إقدام الحركة على خطوة تجميد وزرائها الـ18 في الحكومة المركزية (28 في المئة من مقاعدها)، بأنّه الإنذار الأقوى الموجّه لشريكها في السلطة منذ بدء الخلافات بين الطرفين. واعتبروا أن ذلك سيؤدّي عملياً إلى شلّ عمل الحكومة.
يشار إلى أنّ وزراء الحركة يشغلون حقائب الخارجية، شؤون مجلس الوزراء، التعليم العالي، الصحّة، النقل، التجارة الخارجية، إضافة إلى عدد من وزراء الدولة في وزارات أخرى، من بينها الداخلية ومستشارون للرئيس السوداني.
ولم يستبعد محلّلون لجوء «الحركة الشعبية» في حالة تدهور علاقاتها بـ«المؤتمر الوطني» إلى «الأسوأ»، أي إعلان استقلال جنوب السودان من داخل برلمان الجنوب، دون انتظار الاستفتاء على تقرير المصير الذي تنصّ الاتفاقية على إجرائه عام 2011 في نهاية الفترة الانتقالية. ويعيد هذا الاحتمال إلى الأذهان إعلان رئيس وزراء السودان إبّان فترة الحكم الذاتي، إسماعيل الأزهري، الاستقلال من داخل البرلمان عام 1955 من دون انتظار للاستفتاء على الاستقلال أو الاتحاد مع مصر، حسبما نصّت الاتفاقية الموقّعة على دولتي الحكم الثنائي بريطانيا ومصر اللتين كانتا تستعمران السودان.
(يو بي آي، أ ف ب، رويترز)