ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أنّ الرئيس الأميركي جورج بوش يعتزم إطلاق تحذير شديد اللهجة يفيد أن الولايات المتحدة لن تقبل حدوث انتقال للسلطة في كوبا من الرئيس فيدل كاسترو إلى شقيقه راوول بدلاً من نقلها إلى الشعب الكوبي.ومن المتوقع أن يطلق بوش هذا التحذير خلال خطاب يلقيه في وزارة الخارجية أمام مجموعة من المنشقّين الكوبيّين، ويقدّم في سياقه أقرباء 4 سجناء سياسيّين كوبيّين، من أجل «إضفاء طابع إنساني على اعتداء النظام الكوبي على الحريّات»، حسبما أشار مسؤول في الإدارة الأميركيّة.
وأوضحت الصحيفة أنّ فحوى الخطاب ستكون دعوة الكوبيّين إلى مواصلة «المقاومة» ضد نظامهم الحاكم، إذ من المفترض أن يخاطب بوش عناصر الجيش والشرطة في كوبا قائلاً «سيكون لكم مكان في كوبا الجديدة». كذلك سيخاطب بوش المواطنين الكوبيّين للتأكيد على أن لديهم القدرة على تحديد مصيرهم وإحداث التغيير. ومن المتوقّع أيضا أن يجدّد بوش التأكيد على مطالب إدارته المستمرة بإجراء انتخابات حرّة وشفافة وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين في تلك الدولة الشيوعية.
وستمثّل كلمة بوش ردود الفعل الأميركية الأكثر تفصيلاً إزاء التغييرات السياسيّة التي بدأت في كوبا منذ أكثر من عام عندما أصيب فيديل بالمرض وأجرى عمليّة جراحيّة في الأمعاء، وسلّم السلطة إلى راوول، الذي يشغل منصب وزير الدفاع. كذلك تأتي الكلمة بعدما انطلقت العمليّة الانتخابيّة في الجزيرة الشيوعيّة الأحد الماضي، والتي من المفترض انتهاؤها في نيسان المقبل بتحديد الرئيس الجديد في البلاد.
وسيعتبر بوش أنّه «في الوقت الذي تتحرّك فيه باقي دول أميركا اللاتينية من الديكتاتورية نحو الديموقراطية، فإن كوبا تواصل استخدام القمع والإرهاب للسيطرة على شعبها». ومن المتوقّع أن يخبر الكوبيين أنّه «قريباً سيكون عليهم الاختيار بين الحرية وبين القوّة التي يستخدمها نظام يلفظ أنفاسه».
وتأتي كلمة بوش بعدما كان كاسترو قد اتّهمه، في رسالة نشرتها صحيفة «غرانما»، بـ«السيطرة على كوبا بالقوة»، تضمّنت أيضاً إشارته إلى أنّها «المرة الأولى» التي يعلن فيها رئيس أميركي إجراءات «لتسريع الفترة الانتقالية» في كوبا، وفي الوقت الذي تناقش فيه الأمم المتحدة إدانة جديدة للحظر الأميركي المفروض على الجزيرة الشيوعية منذ عام 1962.
وسيعرض بوش بعض الحوافز المحتملة إذا أبدت كوبا انفتاحها على التغيير ومنها قد يتضمّن «توسيع التبادل الثقافي والمعلوماتي مع كوبا والسماح للمنظمات الدينية وغيرها من المنظمات التي لا تبغي الربح بإرسال الكومبيوترات إلى كوبا وتخصيص (الكوبيّين) بـ«منح دراسية».
غير أنّ المستشار في «المجلس التجاري والاقتصادي الكوبي ـــــ الأميركي»، جون كافوليتش، يلفت إلى أنّ ما تفترضه تلك الحوافز من مساعدات، يتمّ تأمينها حاليّاً من فنزويلا والصين.
كذلك يرى الخبير في «معهد ليكسينغتون»، فيل بيترز، أنّ خطاب بوش هو مجرّد محاولة لإعادة توجيه سياسة سقطت منذ زمن بعيد. ويوضح أنّ تلك السياسة متمحورة حول فكرة أنّ الحكم الشيوعيّ القائم في الجزيرة، سيسقط فقط حين يموت كاسترو، مشيراً إلى أنّ راوول «فاجأهم».
ويقول بيترز إنّ بوش «بقي صامتاً» ولم يبد أيّ ردّ فعل فيما كان راوول يعزز قبضته على المؤسّسات الكوبيّة من خلال تمتين علاقاته بزعماء العالم، وفتح حوار سبّاق مع الكوبيّين حول رؤيتهم لمستقبل بلادهم، وبالتالي فإنّ جميع النبوءات بشأن تغيير جذري تشهده البلاد، وتطلقه مجموعة «المقموعين السياسيّين واللاجئين»، لم تتحقّق على أرض الواقع.
وهكذا «فالإدارة الأميركيّة قد فاتها المركب»، حسبما يضيف بيترز، «والخلافة قد حصلت بالفعل، لذا فليس بإمكان (الإدارة) بعد الآن اتّباع سياسة تبقيها منتظرة موت كاسترو فيما العالم مضى إلى الأمام».
(أ ف ب، د ب أ، الأخبار)