strong>الغارة على سوريا أجّجت انقساماً في واشنطن حول مقاربة الملف الكوري الشمالي
أفادت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس بأنّ مناورات عسكرية أجراها جيش الاحتلال في الفترة الأخيرة في هضبة الجولان السورية المحتلة «دفعت الجيش السوري إلى التوثّب والدخول في حالة استنفار مرتفعة»، مشيرةً إلى أنّ تل أبيب سعت إلى «خفض حدّة التوتر وبعثت رسالة تهدئة إلى دمشق تفيد بعدم وجود نوايا هجومية لديها».
والرسالة، التي تم نقلها بواسطة قنوات دبلوماسية بحسب الصحيفة نفسها، جاءت على خلفية الخشية من أن يفسّر السوريّون النشاط غير المألوف للجيش الإسرائيلي في المنطقة بوصفه تمهيداً لهجوم واسع. وأوضحت الصحيفة أنّ تل أبيب حرصت على إيصال رسالة التهدئة عبر قنوات عديدة، مشيرةً إلى أنّ السوريّين يفضّلون، رغم رسائل التهدئة، «عدم المخاطرة».
في هذا الوقت، لا تزال تداعيات الغارة التي شنّتها إسرائيل على منطقة دير الزور السوريّة في السادس من أيلول الماضي، تتفاعل، وكانت آخر تطوّراتها انطلاق صراع في واشنطن بين وزيرة الخارجيّة، كوندوليزا رايس، وبين سياسيّين محافظين معنيّين بشؤون الأمن القومي.
فقد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أنّ هؤلاء السياسيين المحافظين وجّهوا انتقاداً حادّاً لإدارة الرئيس جورج بوش، في شأن تعاطيها بـ«دبلوماسيّة» مع الملفّ الكوري الشمالي، فيما تشير «معلومات استخباريّة» إلى أنّ بيونغ يانغ «تساعد سوريا في بناء مفاعل نووي».
وانتقل النقاش إلى الـ«كابيتول هيل» أوّل من أمس، حيث أفادت الصحيفة بأنّ رايس عقدت اجتماعاً خاصاً شابه التوتّر، مع النائبة الجمهوريّة عن فلوريدا، إليانا روس ـــــ ليهتينن، التي ترأس اللجنة النيابيّة للشؤون الخارجيّة. وأتى اللقاء بعد أيّام على نشر مقال شاركت في كتابته ليهتنن، انتقد مقاربة البيت الأبيض التي تفترض تقديم حوافز لكوريا الشماليّة كي تتخلّص من أسلحتها النوويّة.
كذلك انتقد المقال المذكور، «حجاب السريّة» المفروض على «المعلومات الاستخباريّة» التي أدّت إلى الغارة «على ما يُشتبه في أنّه مفاعل نووي» قيد الإنشاء في سوريا، وكيف أنّ قلّة من المشرّعين أُعلموا بالمسألة.
وبعد اللقاء، شهدت رايس أمام اللجنة التي ترأسها لهتينن، ودافعت عن مقاربتها بالنسبة لكوريا الشماليّة، مشيرةً إلى أنّها كانت تستخدم «أسنان الدبلوماسيّة وليس فقط جزرة الدبلوماسيّة، وهو ما دفع النائب الجمهوري عن كولورادو، توم تانكريندو، إلى التعليق بالتساؤل: أرغب فعلاً أن أعلم ما هي طبيعة تلك الأسنان تحديداً».
ورفضت رايس، خلال الجلسة نفسها، التعليق على الغارة الإسرائيليّة على سوريا، وردّدت ما أصبح الرؤية الرسميّة في شأن أيّ تورّط كوري شمالي في البرنامج النووي السوري المفترض. وقالت إنّ «الرئيس (بوش) أوضح تماماً أنّ أيّ انتشار (للأسلحة النوويّة)، ينفّذه السوريّون أو الكوريّون الشماليّون أو أيّ جهة أخرى، يمثّل قلقاً عميقاً للولايات المتّحدة». غير أنّ تانكريندو أصرّ على موقفه بالقول: «وإذا تبيّن أنّهم (الكوريّين) زوّدوا سوريا أسلحة أو نوعاً من المواد النوويّة، فسيجعلهم ذلك خارقين لاتّفاقيّة» منع الانتشار النووي.
في المقابل، رفضت رايس أيضاً التراجع، وقالت «أخيراً، أصبحت الولايات المتّحدة في موقع قد تفعل من خلاله شيئاً بالنسبة للبرنامج (النووي) الكوري الشمالي، وأعتقد أنّنا نريد الإبقاء على تلك القدرة»، في إشارة إلى الجهود الدبلوماسيّة الأميركيّة، التي يقودها مساعد رايس، كريستوفر هيل، والتي أدّت أخيراً إلى تصريح الكوريّين الشماليّين بأنّهم سيتخلّون عن برنامجهم النووي بحلول نهاية العام الجاري.
ويبدو أنّ البيت الأبيض يحاول الآن إبعاد الانتقادات الموجّهة إليه من حلفائه الجمهوريّين، وبينهم بعض أبرز الصقور في الإدارة، على قاعدة أنّ رايس تقدّم رغباتها في تحقيق حلول دبلوماسيّة، على مصالح الأمن القومي. وفي هذا الصدد، قال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة، للصحيفة، إنّه «مستاء جدّاً» أنّه حتّى مع احتمال مساعدة بيونغ يانغ لدمشق في برنامج نووي «نحن نصافح الكوريّين الشماليّين لأنّهم قالوا لنا مرّة أخرى إنّهم سيزيلون أسلحتهم» النوويّة.
غير أنّ السيناتور الديموقراطي، جوزف بايدن، الذي يرأس لجنة الشؤون الخارجيّة في مجلس الشيوخ، لفت إلى أنّ المعلومات الاستخباريّة تحثّ أكثر على اتّخاذ مقاربة أكثر دبلوماسيّة في التعاطي مع الكوريّين «من أجل إلزامهم بصفقة تتّسم بنوع من الشفافيّة».
إلى ذلك، نشرت شركة «ديجيتال غلوبال» التجارية الخاصّة للأقمار الاصطناعية، وهي شركة أميركيّة مختصّة بالدراسات، صوراً التقطت بالأقمار الاصطناعية لموقع في سوريا قالت إنه يشبه مفاعلاً نووياً مماثلاً في كوريا الشمالية وقد يكون استُهدف بالضربة الجويّة الاسرائيلية الأخيرة. وتمّ التقاط الصور قبل شهر من الغارة، فيما لم تنشر الشركة صوراً للموقع بعد استهدافه.
(الأخبار)