القاهرة ــ خالد محمود رمضان
دعوا اللـبنانيين إلى «الحـوار» ورفـضوا تقسـيم العـراق واختلـفوا على «تقـصّي الحقـائق» في غـزة


اختصر مجلس وزراء الخارجية العرب أعمال دورته العادية في القاهرة، أمس، إلى يوم واحد بدلاً من يومين، كما كان مقرراً سلفاً. وأصدر بياناً ختامياً رحّب خلاله بجهود الجيش اللبناني في القضاء على «تنظيم فتح الإسلام». كما دعا اللبنانيين إلى الوقوف صفاً واحداً في مواجهة «المخطط الإجرامي والإرهابي الذي يستهدف النيل من استقرار لبنان ووحدته الوطنية».
وكان المجلس قد تدارس الوضع في لبنان، في ضوء تقرير الوفد العربي الرفيع المستوى، الذي زار بيروت في شهر حزيران الماضي، ونتائج اتصالاته مع مختلف القيادات اللبنانية. وطالب القوى السياسية «بالعودة إلى مائدة الحوار الوطني لتفويت الفرصة على كل من يعبث بأمن لبنان واستقراره وضرورة إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده».
وجدّد البيان الالتزام العربي بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي، مشدداً على أن «عملية السلام عملية شاملة لا تتجزأ»، ومعتبراً أن «السلام الشامل في المنطقة يتحقق من خلال الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 والتوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار رقم 194 لعام 1948 ورفض أشكال التوطين».
وأيّد المجلس ما جاء في خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش من عناصر إيجابية يمكن البناء عليها بشأن الالتزام بحل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية والمطالبة بوقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال والتوصل إلى اتفاق على قضايا الحل النهائي، بما فيها القدس واللاجئين وتحويل مبالغ الضرائب الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل.
وأعرب المجلس عن تأييده «عقد مؤتمر دولي للسلام بحضور الأطراف المعنية كافة، وهي سوريا ولبنان وفلسطين، بهدف إطلاق المفاوضات المباشرة على جميع المسارات والبناء على ما تم إنجازه بهذا الشأن مع التأكيد على الدخول في عملية مفاوضات مباشرة حول مختلف قضايا الحل النهائي للصراع العربي الإسرائيلي ضمن إطار زمني محدّد لإنهاء تلك المفاوضات».
ورفض المجلس الوزاري العربي أي «دعاوى لتقسيم العراق مع التأكيد على عدم التدخل في شؤونه، وحل الميليشيات الموجودة على أرضه من دون استثناء وإنهاء المظاهر المسلحة العدوانية وتأكيد احترام إرادة الشعب العراقي بمكوناته كافة في تقرير مستقبله السياسي».
وأشار المجلس إلى أن «تحقيق الأمن والاستقرار يقع على عاتق حكومة الوحدة الوطنية والمؤسسات الدستورية والقيادات السياسية العراقية وعلى مساندة الدول العربية ودول الجوار لكل الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة».
وجدّد المجلس رفضه للعقوبات الأميركية الأحادية الجانب على سوريا، معتبراً قانون «محاسبة سوريا» تجاوزاً للقانون الدولي، ومطالباً واشنطن بإعادة النظر في هذا القانون الذي «يشكّل انحيازاً سافراً لإسرائيل»، ومعبراً عن التضامن التام مع سوريا.
وكانت «الخطب الرنانة» قد هيمنت على أجواء الجلسة الافتتاحية. واتفق المتحدثون على أن الأوضاع على الساحة الفلسطينية والمؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط من أهم التحديات والتطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة. وشدّد الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، على أن المرحلة الحالية تتطلب بلورة موقف عربي موحد تجاه التحركات السياسية الدولية، ولا سيما المؤتمر الدولي المقترح للسلام، محذّراً من «محاولات تفريغه من مضمونه وخفض سقف التوقعات منه».
ودعا موسى الدول العربية إلى «العمل بكل يقظة على ألا يكون هذا المؤتمر الدولي مجرد تظاهرة سياسية بلا مضمون أو جدوى وذلك حفاظاً على مصالح استراتيجية كبرى ستتهدد تهديداً جدياً إذا ما انتهت هذه الحركة السياسية إلى لا شيء». وأشار إلى أن «جدية المؤتمر تتطلب أن ينطلق وفق مقاربة شاملة بحضور جميع الأطراف المعنية مباشرة بعملية السلام وأن يستند إلى المرجعيات المعروفة والمتفق عليها بما في ذلك مبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
وفي ما يتعلق بالعراق، شدد الأمين العام على أن الوضع يتطلّب تعاوناً عربياً وإقليمياً وحواراً عربياً إيرانياً بصفة خاصة باعتبار العراق دولة عربية من جهة، وباعتبار إيران جاراً مهماً للعراق.
وحول الأوضاع في لبنان، أشار موسى إلى أن الجامعة العربية بذلت مساعي حثيثة للإحاطة بالمخاطر، معرباً عن كامل استعداد الجامعة للتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية ذات الدور أو العلاقة بالوضع في لبنان. وقال إن «مسؤولية لبنان تقع بالمقام الأول على أبنائه مهما كان تأثير العلاقات العربية أو الإقليمية أو الدولية»، داعياً القوى السياسية اللبنانية للعودة إلى مائدة الحوار والعمل على التوصل فوراً إلى اتفاق بشأن انتخاب رئيس الجمهورية طبقاً للأصول الدستورية، باعتبار ذلك حجر الزاوية لبداية حل الأزمة.
من جهته، قال وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة، إن «التحرك المطلوب باتجاه تفعيل مبادرة السلام العربية لا يزال قاصراً ومبتوراً لأن الطرف الإسرائيلي يراهن على الخلافات الداخلية في الأراضي الفلسطينية»، مشيراً إلى أن مبادرة الرئيس الأميركي بشأن عقد اجتماع دولي حول السلام في الشرق الأوسط لا يعكس تماماً في طروحاته وأهدافه المرجو منها.
وكان لافتاً أمس غياب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، الذي حلّ مكانه وزير الدولة للشؤون الخارجية نزار بن عبيد. وكانت خلافات قد برزت أمس خلال اجتماع اللجنة العربية لتقصي الحقائق في أحداث غزة، والذي سبق اجتماع الوزراء. وعلمت «الأخبار» أن بعض الدول العربية، ومنها الجزائر، تحفظت على نتائج تقرير اللجنة، وخصوصاً أنها تريد تعديل مهمة اللجنة إلى المصالحة والوفاق بين حركتي «فتح» و«حماس» وعدم اقتصارها على مجرد تقصّي الحقائق.