أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المدافعة عن حقوق الإنسان، في تقرير نشر أمس، أن معظم المدنيين الذين قتلوا في لبنان خلال عدوان تموز عام 2006، كانوا ضحايا هجمات إسرائيلية جرت «من دون تمييز».وقالت المنظمة إن «العدد المرتفع للقتلى بين المدنيين اللبنانيين ناجم بشكل رئيسي عن عدم احترام إسرائيل المتكرّر لواجب أساسي في قوانين الحرب: واجب التمييز بين الاهداف العسكرية التي يمكن مهاجمتها بشكل مشروع والمدنيين الذين يجب عدم استهدافهم».
واضافت المنظمة، في تقريرها الذي يقع في 247 صفحة، أن «اسرائيل، في عدد من الجوانب، خاضت الحرب بلا مبالاة تنمّ عن عدم مسؤولية حيال مصير المدنيين اللبنانيين، منتهكة قوانين الحرب». ورأت أن الهجمات الجوية الإسرائيلية التي «جرت من دون تمييز سببت سقوط الجزء الأكبر من المدنيين الـ900 القتلى في لبنان».
وقال المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث، في مؤتمر صحافي في القدس المحتلة، إن «اسرائيل تحرّكت كما لو أن كل المدنيين استجابوا لندائها إخلاء جنوب لبنان، مع أنها كانت تعرف أن الامر ليس كذلك». وأضاف أن الدولة العبرية «لم تقم بواجبها في التمييز بين الاهداف العسكرية والمدنيين».
ونفت المنظمة التهم الاسرائيلية التي تنسب العدد المرتفع للضحايا المدنيين الى استخدامهم «دروعاً بشرية» من حزب الله خلال الحرب. وقالت إنه «في معظم الحالات، غادر مقاتلو حزب الله المناطق الآهلة بالسكان في بداية المعارك وأطلقوا الصواريخ من مواقع خارج القرى».
وأوضحت «هيومن رايتس ووتش» أن «الهجمات الجوية التي أسفرت عن سقوط قتلى مدنيين، في معظم الحالات التي حققت فيها المنظمة، لم تكن مبرّرة بأي وجود عسكري أو نشاط لحزب الله». وخلص إلى أن «أي تحرك بسيط للعربات أو الأشخاص، مثل محاولة الخروج لشراء الخبز أو التحرك في المنازل الخاصة، كانت كافية للتسبّب في شن هجمة جوية إسرائيلية مميتة تتسبب في مقتل المدنيين. كذلك استهدفت الطائرات الحربية الإسرائيلية العربات المتحركة التي اتضح فيما بعد أنها كانت تحمل المدنيين الذين يحاولون الفرار من منطقة النزاع».
ورأى التقرير أن «تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تشير بقوة إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف عمداً إصابة أحياء كاملة لأنها كانت تُرى على أنها مُناصرة لحزب الله، لا لوجود أهداف عسكرية محددة لحزب الله فيها، كما تتطلب قوانين الحرب».
ودعت المنظمة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى تأليف لجنة تقصّي حقائق في «جرائم حرب محتملة» قام بها الطرفان. كذلك حثّت الولايات المتحدة على التحقيق في استخدام إسرائيل للأسلحة التي أمدّتها بها في «انتهاك قوانين الحرب»، داعية سوريا وإيران الى عدم نقل أي مواد إلى حزب الله، ومنها الصواريخ «التي يستخدمها في انتهاك قوانين الحرب».
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية مارك ريغيف أمس تهم «هيومن رايتس ووتش»، وتمسّك بالادعاء الإسرائيلي بأن حزب الله هو المسؤول عن مقتل المدنيين اللبنانيين باستخدامهم «دروعاً بشرية».
وقال ريغيف إن «حزب الله تبنّى استراتيجية واضحة وحوّل المدنيين إلى دروع بشرية». وأضاف أن «حزب الله انتهك القانون الأساسي للحرب من خلال استغلال المواطنين الأبرياء للدفاع عن مقاتليه».
وادعى ريغيف أن «هناك وثائق كثيرة تثبت أن مقاتلي حزب الله استخدموا مدارس ومساجد وبيوت المواطنين لتخبئة أسلحة وحتى لإطلاق النار والصواريخ» باتجاه جنود الجيش الإسرائيلي والدولة العبرية.
(الأخبار، يو بي آي)