الرباط ــ عبد الصمد بن شريف
تقترب إعادة الهيكلة من المشهد السياسي المغربي، مع الانتخابات التشريعية التي جرت أمس، وسط احتمالات فوز الإسلاميين بغالبية مقاعد البرلمان الجديد، رغم استحالة حصولهم على الغالبية المطلقة، التي تخوّلهم تشكيل حكومة بمفردهم، بناءً على التشريعات الانتخابية التي تعتمدها المملكة


أدلى المغاربة أمس بأصواتهم لانتخاب ممثليهم في مجلس النواب، حيث تشير الاستطلاعات إلى إمكان تحقيق مكاسب للمعارضة الإسلامية، المتمثلة بشكل أساسي بحزب «العدالة والتنمية»، فيما شهدت الحملات الانتخابية خروقاً عديدة، كان أبرزها الاعتداء على مرشحين وناخبين وتوزيع رشى.
ويتعين على الناخبين، الذين يفوق عددهم 15 مليوناً، اختيار 325 نائباً للسنوات الخمس المقبلة في 95 دائرة انتخابية، من بين مرشحين عن 33 حزباً و13 لائحة مستقلة. واختار الناخبون 295 نائباً في الدوائر الانتخابية و30 نائبة ضمن «لائحة وطنية» منفصلة لتأمين حصة تمثيلية للنساء.
وإجمالاً، تتوزع الأحزاب السياسية المشاركة في هذه الانتخابات على ثلاثة توجهات كبرى هي الإسلاميون، وضمنهم بالخصوص حزب العدالة والتنمية، وأحزاب التحالف الحكومي، واليسار من خارج التحالف الحكومي.
ولم تتخطَّ نسبة المشاركة في ساعات الصباح الأولى 5 في المئة، لكنها عرفت تصاعداً تدريجياً لتسجل في حدود الساعة الثانية 16 في المئة، ووصلت إلى حدود الـ 25 في المئة مع حلول المساء. ويرجع المراقبون هذا إلى عدم ثقة الناخبين في الأحزاب السياسية، ودور البرلمان في مراقبة الحكومة والقيام بوظيفة التشريع، إضافة إلى وجود صور سلبية وفاسدة في الذاكرة الجماعية للمغاربة، ارتبطت بالتجارب الانتخابية السابقة، التي عرفت في مختلف أطوارها «تزويراً» للإرادة الشعبية.
وسجّل مراقبون أيضاً أن نظام «الاقتراع اللائحي» المعمول به في المغرب لا يتماشى مع المعطيات الاجتماعية. ورغم أنه يمنح هامشاً أوسع للاختيار من خلال تمكين أكبر عدد من الأحزاب في المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، إلا أنه يشكّل أحد العوامل الرئيسية لبلقنة المشهد السياسي وتفتيت الأصوات والحيلولة دون حصول أي حزب على غالبية مطلقة تمكّنه من تشكيل الحكومة وتطبيق برنامجه.
وانخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، يمنح أرجحية لحزب «العدالة والتنمية» ذي المرجعية الإسلامية، هو المرشح للفوز بأكبر عدد من المقاعد، وإن كان منافسوه من أحزاب الغالبية الحكومية يرون أن هذا الاحتمال «لا أساس له من الصحة، لكون ما حقّقته الحكومة من إنجازات ومشاريع، كفيل بإقناع الناخبين بالتصويت لهذه الاحزاب، فضلاً عن أن العدالة والتنمية غير متجذر في العالم القروي على غرار حزب الاستقلال، وفي المناطق الأمازيغية كما هو الشأن بالنسبة إلى الحركة الشعبية».
ومن أجل التأكد من سلامة المسلسل الانتخابي في المغرب، أوكل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الإشراف، من خلال ملاحظين وطنيين وأجانب، على الانتخابات التشريعية الحالية. وقد شكل المجلس لهذا الغرض وحدات عملياتية، ولجنة متخصصة تشرف على هذه الوحدات وتشرف على صياغة التقرير الذي سيصدره المجلس بعد انتهاء عملية الاقتراع.
ورغم اتخاذ السلطات المغربية التدابير القانونية والتنظيمية لإضفاء جو من الشفافية والصدقية على الانتخابات التشريعية، شهدت عملية الاقتراع أمس خروقاً في عدد من المناطق.
وقال المنار اسليمي، مراقب العملية الانتخابية في إطار المنظمة المغربية لحقوق الانسان، إن المرشح رحو الهيلع من حزب «التقدّم والاشتراكية» تعرض لهجوم بالحجارة من أنصار المرشح جمال بونهير، الذي ينتمي إلى الحركة «الشعبية»، حيث دخل الهيلع في حالة غيبوبة، نقل على إثرها إلى المستشفى حيث خضع لعملية جراحية.
وأضاف المنار، لـ«الأخبار»، أن أنصار مرشح الحركة الشعبية، التي يرأسها وزير الزراعة امحند لعنصر، حاولوا منع أنصار مرشح حزب «التقدم والاشتراكية» من الإدلاء بأصواتهم. وكشف عن أن عدداً من السيارات شوهدت في منطقة تيفلت شمال الرباط والرماني، وهي توزع المال على الناخبين.
وخلص المنار إلى القول إن الانتخابات لم تبق لها علاقة بالسياسة، «بل أصبحت لها علاقة بالمال والعنف»، مضيفاً أنه «ليس هناك حد أدنى لتطبيق النصوص القانونية، حيث خرقت المهل المحددة للحملة الانتخابية لتستمر في أكثر من منطقة إلى الصباح».