طهران ـ طارق ترشيشي
تحرص طهران على نفي وجود أي خلاف بينها وبين دمشق حول الملفين اللبناني والعراقي، وتؤكد ترحيبها بتقارب سوري ــ سعودي، وأن الاتصالات متواصلة بينها وبين الرياض «لمساعدة لبنان على الخروج من الأزمة»


حرص نائب وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والأفريقية محمد رضا باقري، في لقاء مع «الأخبار» في طهران، على الإشارة إلى أنه جاء إلى العمل الدبلوماسي من عالم التدريس الجامعي، كغيره من المسؤولين الإيرانيين، وفي مقدمهم الرئيس أحمدي نجاد، مشيراً إلى أنه عمل سفيراً لدى سوريا وتركيا، وقبل ذلك قائماً بالأعمال في سفارتي بلاده في الكويت وليبيا، وأنه يتكلم، إلى لغته الفارسية الأمّ، اللغات العربية والتركية والإنكليزية.
وسئل باقري عن دور إيران في العراق، فقال «إن الإدارة الأميركية فشلت في العراق لأن برامجها كانت خاطئة. لقد طلبت منّا أن نتفاوض معها حول الشأن العراقي، وتلقينا الطلب نفسه من الحكومة العراقية، فقبلنا التفاوض، وقد عقدنا وإيّاهم ثلاث جولات تفاوضية حتى الآن، وسنكون مسرورين جداً إذا غادر الأميركيون العراق بأقل خسائر وقتلى، وقد أدركوا في خلال المفاوضات نياتنا الصالحة والحسنة حول العراق».
وأضاف باقري أن «واشنطن تقول إنها تريد السلام، لكنها بهذه الذريعة تقتل شعوب العالم. ألا ترون كم قتل الأوروبيون من أنفسهم في العصور الماضية لأنهم لم يتحمّلوا الأقليات داخل مجتمعاتهم؟ الغرب عموماً والولايات المتحدة احتلا كثيراً من الدول في العالم، وليس في التاريخ ما يُظهر أن إيران احتلت أو اعتدت على دولة أخرى، وإننا نريد السلم والسكينة والهدوء للشعب الأميركي، لأن الفكر السائد في إيران هو فكر المعلمين والأساتذة وليس فكر الساسة والمافيا».
وأكد باقري أن «موعد الجولة الرابعة من المفاوضات الأميركية ـــــ الإيرانية حول العراق لم يحدد بعد، ولكننا جاهزون لها خصوصاً إذا اقتضت الضرورة وطلبت منا الحكومة العراقية ذلك».
وحول الملف النووي الإيراني وإعلان الرئيس الإيراني أخيراً بأنه قد أُقفل، قال باقري إن نجاد قصد في قوله هذا «إننا بلد نووي وإن هذا العلم بات لدينا بكامله، وإن الرئيس ربما قصد أن هذا الملف لم يعد مفتوحاً، لأن المفتشين الدوليين دخلوا في الفترة الأخيرة إلى كل المنشآت النووية ورفعوا تقريراً إلى رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي، وتعرفون ما قاله في شأن هذا التقرير». وأضاف «يجب أن يواجهنا العرب بواقعية، فنحن نريد أن نستفيد من العلوم النووية السلمية والمساعدة على تجنيب شعوب العالم خطر القنابل النووية وأسلحة الدمار الشامل، في حين أن الأميركيين ودول الغرب عموماً هي التي استفادت من هذه الأسلحة سابقاً».
وسئل باقري: هل تتوقع إيران عدواناً إسرائيلياً جديداً على لبنان وسوريا؟ فأجاب: «الواقع، إن ما يجري في لبنان واضح لديكم. لبنان يتكوّن من مجموعة طوائف تعيش بعضها مع بعض منذ عصور، ولكن بعض القوى وبعض الدول العربية لا تريد لهذا البلد أن يهدأ، والكيان الصهيوني لا يريد للبنان أن يكون مستقراً، وخصوصاً بعد الهزيمة التي تكبّدها والتي كانت في الأصل هزيمة لداعميه».
وقال باقري «إننا نقول للصهاينة عليكم ألا تجربوا مرة ثانية لأنكم ستواجهون هزيمة أكبر من المرة السابقة». ولفت إلى أن «إيران بذلت جهوداً لتحقيق السلم داخل المجتمع اللبناني وأن يتحاور الجميع لمصلحة لبنان بمعزل عن أي شيء آخر، وأوصيناهم بأن يكونوا متّحدين تحت علم لبنان، وأي حكومة تلتزم هذه التوصية سندعمها».
ورداً على سؤال آخر، لفت باقري إلى أن «السعوديين والفرنسيين يرغبون في مساعدة لبنان، وقد تشاوروا معنا، ونحن عبّرنا عن الأفكار التي نرى أنها تخدم مصلحة لبنان، ونحن مستمرون في تبادل الآراء معهم حتى هذه اللحظة، ونحرص على أن نعمل يداً واحدة في إقليمنا ومنطقتنا، ومع العراق أيضاً يجب أن نكون يداً واحدة، وإننا سنكون مسرورين جداً إذا حصل تقارب بين السعودية وسوريا. ولو قرأتم التاريخ لوجدتم أن الإيرانيين كانوا منشأ خير للعرب والمسلمين، ونحن مستمرون على هذا المبدأ، ولن نتوانى عن القيام بأي مسعى خير في هذا المجال».
ورداً على سؤال عمّا يقال عن وجود تباين بين إيران وسوريا حول لبنان والعراق، قال باقري «لدينا علاقات عميقة مخلصة واستراتيجية مع سوريا، وليس هناك أي تباين بيننا، ودائماً لدينا تشاور مع سوريا حول شؤون الشرق الأوسط، وهذا التشاور يركّز على مصلحة الشعب اللبناني. والموقف نفسه سائد بيننا وبين سوريا حول العراق، ونحن مسرورون أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي زار دمشق أخيراً، ونرغب بشدة أن تتعزز العلاقات الأخوية بين هذين البلدين. وأقول بكل صراحة إن كل مَن لا يشجع تعزيز العلاقات بين الدول العربية والإسلامية إنما يتّبع سياسة فرّق تسُدْ ونحن نحارب هذه السياسة بشدة ونحذر الإخوة في المنطقة من خطورتها، ولدينا انسجام كامل مع الإخوة السوريين في هذا الصدد».
وعن احتمال تعرّض إيران لضربة أميركية، قال باقري إن «صفة الولايات المتحدة الدائمة هي التهديد والإرهاب، ولكننا لا نعتقد أن التهديدات الأميركية ستترجم على أرض الواقع. وتفسيرنا هو أن الأميركيين مسرورون جداً بأن نساعدهم على أن يغادروا من دون أن يفقدوا ماء وجههم».