الرباط ــ عبد الصمد بن شريف
يظهر من خلال نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في المغرب يوم الجمعة الماضي، أن الأحزاب التي شاركت في الحكومة بعد انتخابات 2002، هي نفسها التي احتلت المراتب الأولى في الاستحقاق الحالي، إذ حصل حزب الاستقلال المحافظ، الذي قاد المقاومة ضد الاستعمار، على 52 مقعداً (من أصل 325)، والحركة الشعبية على 43 مقعداً، والاتحاد الاشتراكي على 36 مقعداً، بينما حصل حزب التقدم والاشتراكية على 17 مقعداً، ما يُرجح بقوة سيناريو عودة هذه الأحزاب إلى الحكومة، ولو برئيس وزراء من خارج العائلة الحزبية.
وكشفت ردود الأفعال الأولى لهذه الأحزاب، وخاصة الاتحاد الاشتراكي (رغم نكسته)، عن استعداد لنسج تحالفات، من شأنها تشكيل فريق يواصل تطبيق سياسات الحكومة السابقة، وكتلة برلمانية قادرة على الدفاع عن هذه السياسات. ويُشكِّل عدم فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي بعدد المقاعد التي تخوّله أن يكون في المرتبة الأولى، أحد العناصر التي تُعزِّز فرضية عودة أحزاب الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته إلى تدبير الشأن العام.
وفي السياق، جدد الأمين العام لحزب الاستقلال، عباس الفاسي، التزام الحزب بمواصلة العمل في إطار الأحزاب المشكلة للكتلة وحلفائها، معتبراً أن الكتلة أصبحت هي القطب السياسي الأول في البرلمان.
وأضاف الفاسي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن المعطيات التي أفرزها اقتراع السابع من أيلول، تجعل من «الكتلة الديموقراطية» التي تضم إلى جانب «الاستقلال» حزبَي: الاتحاد الاشتراكي والتقدم الاشتراكي، أول قوة سياسية في البلاد، كما أنها تعطي للأحزاب المشكّلة للحكومة الحالية الغالبية المطلقة.
وأكد الأمين العام لحزب الاستقلال أن كل هذه المعطيات توفِّر الشروط لاستمرار العمل في إطار التحالف الحالي المشكَّل من خمسة أحزاب.
وشدد الفاسي على أن حزبه سيشرع منذ اليوم في التنسيق مع أحزاب الكتلة والتشاور مع حلفائه، مُبرزاً أن الفعل الحقيقي يبقى بيد الملك محمد السادس، بما في ذلك تعيين رئيس الوزراء، إذ يخوّله الدستور هذه الصلاحية.
أما الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، محمد اليازغي، فقال من جهته إن «الكتلة الديموقراطية ستكون أقوى مجموعة سياسية» في مجلس النواب المقبل. وأضاف اليازغي، لـ«الأخبار»، عقب الإعلان عن النتائج المؤقتة للانتخاب، أن الانتخابات التشريعية «أفرزت معطيات مهمة أيضاً تتمثل في حصول أحزاب الغالبية الحالية على ثقة الناخبين، وهو ما يدل على الثقة في الحصيلة الحكومية».
وفي معرض تطرقه إلى نسبة المشاركة في الانتخابات، قال اليازغي «إن نسبة 37 في المئة يجب أن تُخضِع المكونات السياسية دولة وأحزاباً وأيضاً النقابات والمجتمع المدني، للمساءلة»، مضيفاً أنه «لا يمكن بناء دولة القانون ومؤسسات ذات صدقية في ظل تدني نسبة المشاركة في الانتخابات».
وكان وزير الداخلية المغربي، شكيب بن موسى، قد أكد، أول من أمس، أن الانتخابات التشريعية أصبحت تشكل محطة عادية في المسار الديموقراطي للمغرب سواء على مستوى احترام موعد إجرائها، أو على مستوى الضمانات التي أحيطت بها.
وأشار بن موسى، في ندوة صحافية في مقر وزارة الداخلية، إلى أن نسبة المشاركة المُسجَّلة على الصعيد الوطني، وإن كانت عادية، فإنها تدفع الجميع إلى التفكير في أحسن السبل لتقوية تعبئة المواطنين وتعميق مساهمتهم في ترسيخ الاختيار الديموقراطي.
ورأى الوزير المغربي أن عدد الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية «هو 33 حزباً، لم يؤدّ إلى تشتيت الأصوات وبلقنة التمثيل الحزبي داخل مجلس النواب»، مستدلاً في هذا السياق على حصول 6 أحزاب فقط على ما مجموعه 243 مقعداً، أي بنسبة 74 في المئة، و18 حزباً على 79 مقعداً فقط، فيما لم تستطع 9 أحزاب الحصول على أي مقعد.
وتشمل هذه النتائج الدوائر الانتخابية الـ 95 في المملكة (295 مقعداً) واللائحة الوطنية المخصصة لتأمين حصة تمثيلية للنساء (30 مقعداً) التي ستكوّن مجتمعة مجلس النواب المغربي الجديد (325 مقعداً).