واشنطن ـ محمد سعيد
بيترايوس وكروكر يحمّلان إيران وسوريا مسؤوليّة الإخفاقات الأمنيّة في العراق

...وفي اليوم الثاني لجلسات استماع أعضاء الكونغرس إلى قائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق الجنرال دايفيد بيترايوس والسفير الأميركي لدى بغداد ريان كروكر، انضمّ الجمهوريون إلى نظرائهم الديموقراطيين في إطلاق النيران السياسية على المسؤولَين الأميركيَّين اللذين لم يكشفا جديداً عمّا أفصحا عنه خلال جلسة أول من أمس، سوى ما جاء على لسان بيترايوس من أنّه «سيكون من الصعب على الولايات المتحدة الإبقاء على تعزيزاتها العسكرية التي أرسلتها في مطلع 2007 إلى العراق حتى الصيف المقبل أيّاً كان الوضع ميدانياً».
وردّ بيترايوس على سؤال المرشّح الديموقراطي للرئاسة السيناتور جوزف بيدن عما إذا كان من الممكن إبقاء التعزيزات الأميركية إلى ما بعد آذار 2008 إذا لم يسجل الوضع في العراق أي تحسُّن يذكر، فقال «سيكون من الصعب جداً عليّ أن أوصي بذلك بعد هذا التاريخ».
وكرّر بيترايوس إلى جانب كروكر الكلام عن «الخلايا الشيعية التي تدعمها إيران في العراق لتحوّلها إلى تنظيمات شبيهة بحزب الله اللبناني» وما وصفه بدور سوريا التي «تدعم الإرهاب» في بلاد الرافدين.
وكان بيترايوس قد أفاد في جلسة الإثنين أمام الكونغرس أنه اقترح على الرئيس جورج بوش سحب التعزيزات التي أرسلت إلى العراق بحلول صيف 2008 وإرجاء أي قرار حول سحب قوات أكبر إلى آذار 2008. وأشار خبراء أميركيون إلى أنه لن يكون في وسع الولايات المتحدة الإبقاء على 160 ألف جندي إلى ما بعد آب 2008 من دون تمديد القانون، الذي يحدّد مدّة نشرها ومهماتها.
وواجه بيترايوس انتقادات من بيدن على غرار تلك التي وجّهها أول من أمس النائب توم لانتوس. وقال بيدن إنّ «الشعب الأميركي لن يؤيّد حرباً لا نهاية لها، هدفها الوحيد الباقي هو منع الأوضاع في العراق من أن تصبح أسوأ مما هي عليه اليوم». وأضاف أنّ استراتيجية زيادة القوات لن تنجح ما دام زعماء العراق غير ملتزمين بالمصالحة بين الطوائف والجماعات العرقية، مشدداً على أن «الوقت قد حان للخروج من الأزمة وينبغي وقف الزيادة والبدء بإعادة جنودنا إلى الوطن».
وعرض بيترايوس لتفاصيل ما أعلنه أول من أمس من أنه سيتم سحب 30 ألف جندي أميركي من العراق في غضون عام من اليوم، وجدّد رفضه لاقتراحات تحويل قواته للقيام بمهمة تتركّز على تسليم المسؤولية الأمنية الى قوات عراقية والقيام فقط بعمليات لمكافحة الإرهاب.
أمّا النواب الجمهوريون، فمثّلهم السيناتور شاك هاغيل الذي طرح على الشاهدين مجموعة من التساؤلات: «هل سنظلّ نستثمر الدماء الأميركية في العراق كما نفعل اليوم؟ وما الجدوى من ذلك؟»، موجّهاً انتقاداته الى بوش الذي رأى أنه يعرض على الشعب الأميركي مجرّد «شراء الوقت». أمّا السيناتور الجمهوري ريتشارد لوغر، فقال بدوره إنه يجب ألا يكون مضمون التقرير الذي أوصى بإعادة نحو 30 ألف جندي الى بلادهم في غضون عام، «بديلاً عن الانسحاب الكامل أو جدولة الانسحاب الواسع أو الخيارات الأخرى التي تسمح بعودة أبنائنا الى الوطن».
وتشكّك محلّلون وخبراء أميركيون في أن يتمكّن حتى أبرع الخطباء من إخماد الغضب الشعبي الأميركي أو حتى المنشقين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن هذا الموقف الرسمي من استراتيجية زيادة القوات في العراق في اللحظة الراهنة.
وكشف مسؤول أميركي مطّلع عن أنّ فريقاً من البنتاغون يعمل حالياً على إعداد تقرير داخلي «مستقل» «يختلف كلياً» عن توصيات بيترايوس وكروكر، مشيراً إلى أنّ هذا التقرير، الذي يُتوقع صدوره في مطلع العام المقبل، سيوصي «بخفض سريع جداً للقوات الأميركية، أي حوالى ثلثي العدد الراهن للقوات على وجه السرعة، في حين يتم الإبقاء على الثلث الأخير منها في العراق». وستتضمّن هذه الاستراتيجية، تقليصاً للوجود الأميركي الواسع في قواعد العمليات مع الإبقاء على فرق صغيرة في بعض النقاط.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، «إن هناك اهتماماً لدى أبرز المسؤولين في البنتاغون بوجهات نظر مختلفة عن آراء أركان إدارة بوش»، مضيفاً أنه يعرف أنّ قائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال ويليام فالون، يريد خفض القوات بشكل أسرع مما يوصي به بيترايوس.