مهدي السيد
«القسّام» لم يتوقّف وحزب اللّه يستعيد ترسانته وإيران ماضية نحو السلاح النووي!

أثار الموقف الذي أدلى به رئيس شعبة الاسخبارات في الجيش الإسرائيلي، اللواء عاموس يدلين، أمام لجنة الخارجية والأمن قبل يومين، عن استعادة إسرائيل لقدرتها الردعية في أعقاب «النشاط الجوي» الإسرائيلي فوق سوريا، حفيظة العديد من المحلّلين الإسرائيليين، الذين شكّكوا في إمكان تحقيق ذلك بضربة واحدة، ولا سيما أن الشواهد التي تدل على عكس كلام يادلين كثيرة، تبدأ من إيران مروراً بسوريا ولبنان، وصولاً الى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وانتقدت صحيفة «هآرتس»، في افتتاحيتها، تسرّع يادلين في قوله إن «الردع الإسرائيلي قد رُمّم». وإذ أشارت الصحيفة الى أن كلمة الردع «جميلة ومشجعة»، أوضحت أنه «من الصعب قياسها، ومن الأسهل قياس وتشخيص الغرور والرضى المفرط»، في انتقاد غير مباشر لسلوك يدلين.
وتوقفت الصحيفة عند مفارقة أن كلام يادلين يأتي بينما تبلور لجنة فينوغراد استنتاجات عن «القصور التاريخي، الذي يُعدّ يدلين جزءاً منه، في قتال إسرائيل القوية ضد منظمة ميليشياوية صغيرة نسبياً، وحيث تتعرض أيضاً قدرة الردع الإسرائيلية للاختبار كل يوم أيضاً في غربي النقب، إذ تسقط مئات صواريخ القسام شهرياً ولا تنجح اسرائيل في إيجاد رد رادع لها، فضلاً عن هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية والقدرة الكامنة لدى الانتحاريين ممن لا يردعهم شيء».
كما توقفت الصحيفة عند التناقض بين ما قاله يادلين وما قالته حكومة ايهود أولمرت بعد حرب لبنان الثانية، بأن هذه الحرب عزّزت قدرة الردع الإسرائيلية.
بدوره، انتقد عاموس كرميل في «يديعوت أحرونوت» مقولة يادلين «الغامضة جداً والمثيرة للقلق». وعزا كرميل انتقاده هذا الى المعطيات التالية: «أولاً، لأن الواقع يجعلها للأسف الشديد داحضة وسخيفة. فقبل أقل من ستة أيام من ظهور يادلين في لجنة الخارجية والأمن، لم يتورّع أفراد الجهاد الإسلامي في غزة عن إطلاق صاروخ قسام على معسكر الجيش الإسرائيلي قرب زيكيم. والشيء الذي يقلّ عن ذلك حدّة، لكنه أخطر، هو أنه على مدى الأشهر الـ 13 التي مضت منذ نهاية حرب لبنان الثانية، لم ترتدع تلك المنظمة عن إطلاق صواريخ القسام على سديروت ومستوطنات أخرى في غلاف غزة، وعن قتل مواطنين وعن التشويش على الحياة في هذه الأماكن. طول هذه الفترة لم ترتدع سلطات حماس في غزة من اسرائيل قدر الحاجة للكف عن إنتاج صواريخ القسام واستعمالها».
وأضاف كرميل «في هذه الأثناء، لم يرتدع أعضاء حزب الله عن تجديد نظام صواريخهم. ويبدو أيضاً أن الإيرانيين لم يرتدعوا الى حدّ أن يكفّوا عن جهودهم التي لا تكلّ لإنتاج القنابل النووية». وخلص كرميل إلى القول «إذا كان جميع هؤلاء لم يرتدعوا، فإن هناك أساساً مشوهاً للقول إن الردع الإسرائيلي تحسن بعض الشيء منذ صيف 2006».
ويتفق كرميل مع ما ذهبت اليه «هآرتس» في افتتاحيتها لجهة الإشارة الى تأثير العجرفة الإسرائيلية على مثل هذه المواقف. وقال إن «إعلان يادلين تعبير واضح عن «العجرفة الإسرائيلية التي تكمن فيها دائماً قدرة على إحداث الضرر»، مذكّراً بالمقولة الإسرائيلية أنه «إذا ثارت مشكلة عسكرية في لبنان فسنرسل الى هناك الفرقة الموسيقية للجيش الإسرائيلي»، في إشارة الى «الاستخفاف بالخصم من جهة، والى الغرور والاعتداد بالنفس من جهة ثانية».
وفي السياق نفسه، رأى عوفر شيلح في صحيفة «معاريف» أن يادلين أراد «أن يلمّح الينا بقوله إن ما تقوله المصادر الأجنبية صحيح. لقد ضربناهم (للسوريين) وهم يعلمون الآن أنه لا يحسن أن يحتكّوا بنا».
وأعاد شيلح التأكيد على أهمية عنصر الردع في التصور الأمني الإسرائيلي منذ أيام بن غوريون، لكنه حذر من خطورة عدم قراءته بشكل صحيح، مستشهداً بمثالين من تاريخ المواجهة بين إسرائيل والعالم العربي: «الأول، عندما اعتقدت إسرائيل أن انتصارها في حرب الأيام الستة سيمنحها قدرة الردع لفترة طويلة وهو أمر تبين عدم صحته عندما اندلعت حرب عام 1973؛ والثاني مأخوذ من الحرب الأخيرة ضد لبنان، عندما كان لدى سوريا الكثير من الأسباب للرد على الاعتداءات الإسرائيلية، لكنها لم تفعل، رغم الاعتقاد بتضرر قدرة الردع الإسرائيلية، وذلك لاعتبارات لها علاقة بحسابات الربح والخسارة، أو الضرر والمنفعة».