strong>عادت لغة التهديد بالحرب لتأخذ موقع الصدارة في الملف الإيراني. لكن مصدرها كان هذه المرة طهران، بعدما هدأت «عاصفة باريس». بيد أن المفارقة، التي تُسَجِلها جدلية العلاقة بين إيران والغرب، هي أن التلويح بعمل عسكري يكون «استفزازياً» و«غير بناَّء» عندما يكون موجّهاً إلى إسرائيل، بينما يكون طبيعياً وعادياً عندما يكون هدفه الجمهورية الإسلامية
أثارت تهديدات القيادة العسكرية الإيرانية أمس لإسرائيل «بهجوم انتقامي» إذا تعرّضت إيران لهجوم الدولة العبرية، ردود فعل مستنكرة من واشنطن، التي رأت في ذلك نية إيرانية بـ«الاستفزاز».
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، دانا بيرينو، «أعتقد أن كلاماً كالذي نقل عن إيران غير مفيد وغير بناء ويكاد يكون استفزازيا»، مُدّعية «أن إسرائيل لا تسعى إلى الحرب مع جيرانها».
وكان مساعد قائد القوات الجوية الإيرانية الجنرال محمد علوي قد وجَّه في وقت سابق أمس تحذيراً الى إسرائيل، أعلن فيه أنه «إذا قام هذا النظام (الإسرائيلي) بخطوة مجنونة، فلدينا خطة تستطيع بموجبها القاذفات الإيرانية شن هجوم انتقامي على الأراضي الإسرائيلية».
وقال علوي، بحسب وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، إن «حديث إسرائيل عن هجوم جوي، ما هو إلّا حرب نفسية.. لذلك نحن نستبعد امتلاك النظام (إسرائيل) القدرة على شن هجوم جوي على إيران. إسرائيل ليست كياناً يمكن أن يمثّل تهديداً خطيراً لأنه لا يمتلك القدرة الحقيقية»، مضيفاً إن الصناعة الإيرانية طورَّت أسلحة جديدة للتصدِّي لأي سلاح هجومي بما في ذلك الصواريخ البعيدة المدى والمقاتلات والأسلحة الذكية وذخائر التتبّع الحراري والأخرى الموجّهة عبر الفيديو.
وفي السياق، ذكرت وكالة «ارنا» الرسمية للأنباء أن طهران تدشّن اليوم جيلاً جديداً من الطائرات المقاتلة الحديثة من صنع إيراني تحت اسم «صاعقة» بتحليقها في منطقة قاعدة مهراباد الجوية في طهران.
أمّا المتحدث باسم الحكومة الإيرانية غلام حسين الهام، فقال من جهته، رداً على سؤال عن الدعم الذي تقدمه أميركا لإسرائيل، «إن حماة الكيان الصهيوني سيتلقّون صفعة قوية في مراسم يوم القدس العالمي، الذي يقام في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك في كل عام».
ورأى الهام أن تصريحات وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير عن احتمال شن حرب ضد بلاده «اختبار للوزير خلال فترة عدم بلوغه السياسي.. ونأمل أن يصل إلى البلوغ السياسي في أقرب وقت ممكن»، مشيراً إلى أن هذه التصريحات من المحتمل أن تلحق «الضرر بسمعة الشعب الفرنسي». وأضاف إن «الظروف الحالية ليست ظروف نشوب حرب. واستبعد أن يلجأ أحد إلى هذا الخيار الأحمق».
ونقلت «ارنا» عن وزير الدفاع الإيراني، العميد مصطفى نجار، قوله، رداً على سؤ‌ال في شأن تصريحات وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عن أن مواجهة إيران تتمّ بالطرق الدبلوماسية والاقتصادية، «إن الطريق الاقتصادي يعني الحظر الذي أثبت عدم فاعليته وجدواه». وأضاف نجار «لدينا خيارات منوّعة للرد على هذه التهديدات وسنستخدمها حسب الظروف».
في المقابل، انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شأن استراتيجيتها إزاء إيران، ودعت الى دبلوماسية «ذات أنياب» لإنهاء الخطط النووية لطهران. وقالت رايس إن «جميع الخيارات» لا تزال مطروحة. لكنها أضافت «نعتقد أن المسار الدبلوماسي يمكن أن ينجح، لكن النجاح مرتبط بمجموعة من الحوافز ومجموعة من العقوبات».
وعبّرت رايس، التي سبق أن اتهمت المدير العام لوكالة الطاقة محمد البرادعي «بتشويش الرسالة» الى إيران، عن غضبها الشديد منه مجدداً. وقالت، للصحافيين أثناء رحلتها إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية، إن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليس عملها الدبلوماسية. إنها وكالة فنية لها مجلس محافظين.. الولايات المتحدة عضو فيه».

أمّا وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير فجدّد أمس دعوته الى «التفاوض» مع إيران. وقال للصحافيين لدى خروجه من مجلس الوزراء في باريس «ما قلته بوضوح شديد هو أنه ينبغي لنا تجنب الحرب. الحرب هي أسوأ الخيارات، ويتعيّن بالتالي تجنّبها. ولتجنّبها علينا أن نتفاوض ونتفاوض ونتفاوض، وهذا ما نقوم به».
وأكد وزير الدفاع الفرنسي إيرفيه موران أن فرنسا لا تعدّ أي خطة عسكرية ضد إيران، معتبراً أن التكهّنات في هذا المجال هي من باب «الأوهام».
بدورها، دعت روسيا الى عدم تصعيد التوتر بشأن ايران. وقال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، من نيويورك، «ينبغي لنا أن يؤدي كل شيء الى حل المشكلة (النووية الإيرانية) بوسائل سياسية أو دبلوماسية وعدم العمل على تصعيد التوتر».
أمّا وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، فقد أكد مجدداً أن «مصر لا توافق إطلاقاً على أي حل لمسألة الملف النووي الإيراني من خلال العنف أو عمل عسكري».

الى ذلك، أكد رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سوكراتيس، الذي تتولّى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد الأوروبي مستعد لفرض عقوبات على إيران في النزاع بشأن برنامجها النووي إذا لزم الأمر. وقال «سنفرض بعض أنواع العقوبات إذا لم تلتزم إيران القانون الدولي».
إلى ذلك، دعا أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إيران الى التعاون بشكل كامل مع وكالة الطاقة، بهدف التوصل الى حل لملفها النووي، حسبما أفادت وكالة الأنباء الكويتية.
(ا ف ب، رويترز، د ب أ،
يو بي آي، اب، ارنا)