غزة ــ رائد لافيالقاهرة ــ خالد محمود رمضان

شهيــدان أحدهــما دهــساً وقــلق عربــي ودولي مـن التصنيــف الإسرائيــلي للقــطاع بأنــه «مــعادٍ»


أثار قرار إسرائيل اعتبار قطاع غزة «كياناً معادياً» «قلقاً» عربياً ودولياً، ومخاوف فلسطينية من «كارثة» إذا شنت إسرائيل عدواناً واسعاً، وسط محاولات «حمساوية» تسويق خطة تهدئة مع الاحتلال، الذي توغّل أمس في أطراف القطاع، حيث استشهد فلسطينيان، أحدهما دهسته جرافة إسرائيلية بعد قتله.
ولم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل الفتى محمود كايد الكفافي بـ«دم بارد»، حتى داست جرافة عسكرية ضخمة رأسه الصغير وهشمته، وشوهت ملامح وجهه، في قرية جحر الديك شرق مخيم البريج للاجئين، وسط قطاع غزة، بعدما كان سقط جراء إصابته بعيار ناري.
كما استشهد الفلسطيني محمد أبو حجير (22 عاماً) في المنطقة نفسها، بعدما أصيب برصاص قناص إسرائيلي.
وفي إطار الاستعدادات لمواجهة عدوان إسرائيلي، يربض مسلحون ملثمون وراء أكوام من أكياس الرمال وأصابعهم على زناد بنادقهم، بينما يجهز آخرون متفجرات في شوارع غزة.
واتخذ مئات من المقاومين مواقع على امتداد السور الحدودي مع إسرائيل ومدينة غزة، فيما قام مواطنون عاديون بتعبئة أكياس بالرمل لاستخدامها عائقاً يعرقل تقدم أي قوات غازية.
وقال خالد علي، وهو سائق سيارة أجرة، عندما لوّح له مقاومون للتوقف عند نقطة تفتيش، إن «التحضيرات التي يقوم بها الشباب (المسلحون) تعطي انطباعاً بأن الإسرائيليين سيجتاحون في أي لحظة». وأضاف «إذا اجتاحت إسرائيل غزة فستحدث مجازر». وفي السياق، أجرى رئيس الحكومة المقال إسماعيل هنية سلسلة اتصالات لتفادي عدوان إسرائيلي على القطاع. وقال المتحدّث باسم الحكومة، طاهر النونو، إن هنية بحث مع مدير المخابرات المصرية عمر سليمان قرار اعتبار غزة كياناً معادياً و«ضرورة تحرك مصر من أجل عدم قيام الاحتلال بأي إجراءات بحق الفلسطينيين في القطاع». وأضاف إن سليمان أبلغ هنية أن «مصر تولي اهتماماً بهذه القضية وأجرت اتصالات بالفعل مع الجانب الإسرائيلي في هذا الموضوع».
وقال النونو إن هنية وضع سليمان «في ضوء نتائج الاتصالات واللقاءات مع بعض الفصائل الفلسطينية في ما يتعلق بقضية التهدئة المتبادلة (مع إسرائيل)». وأضاف: إن هنية أكد لسليمان أن «هناك توجهاً مسؤولاً من هذه الفصائل حول قضية التهدئة وذلك انطلاقاً من تقدير المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وتقدير اللحظة الراهنة».
وأوضح النونو أن هنية ناقش ليلة الأربعاء/ الخميس مع وفدين من لجان المقاومة الشعبية وحركة الجهاد الإسلامي قضية «التهدئة المتبادلة والمتزامنة التي نص عليها برنامج حكومة الوحدة الوطنية».
وقالت صحيفة «فلسطين» المقرّبة من «حماس» إن الحكومة الإسرائيلية عرضت أخيراً، عبر وسطاء، هدنة مع الفلسطينيين في قطاع غزة. وذكرت أن حكومة هنية بدأت بدراسة العرض الإسرائيلي؛ كما بدأت بالتشاور مع الفصائل الفلسطينية حوله.
وفي القاهرة، قالت مصادر مصرية لـ«الأخبار» إن الرئيس المصري حسني مبارك وجه رسالة غير معلنة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، فيما وجه وزير خارجيته أحمد أبو الغيط رسالة مماثلة إلى نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني للحيلولة دون اجتياح إسرائيل لقطاع غزة.
وانضم الاتحاد الأوروبي أمس إلى الأمم المتحدة في دعوة إسرائيل إلى إعادة النظر في قرارها المتعلق بإعلان قطاع غزة «كياناً معادياً» وناشدها ألا تقطع الخدمات الرئيسية عنه.
وفي موسكو، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، ميخائيل كامينين، الحكومة الإسرائيلية إلى تغيير قرارها، مشدّداً على أنه «يجب عدم تحميل المدنيين الفلسطينيين مسؤولية إطلاق صواريخ القسام من قبل حماس».
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن باريس قلقة من القرار الإسرائيلي، لأن «النية المعلنة بتحديد حركة السلع والتزود بالكهرباء في غزة سيكون لها أثر مباشر على الاقتصاد الفلسطيني والمدنيين».
ووصفت منظمة المؤتمر الإسلامي القرار الإسرائيلي بأنه «قمعي والإجراءات الإسرائيلية المترتبة عليه تشكل انتهاكاً للقانون الدولي وعقاباً جماعياً وإمعاناً في العدوان ضد الشعب الفلسطيني».
عربياً، استنكرت جامعة الدول العربية قرار الحكومة الإسرائيلية. وقالت، في بيان، إن «غزة أرض محتلة وإسرائيل هي قوة الاحتلال، وبالتالي هي المسؤولة عن أمن وسلامة سكان الأراضي المحتلة». ودعا المتحدث باسم الحكومة الأردنية، ناصر جودة، إلى إلغاء القرار الإسرائيلي وإلى ضرورة الالتزام بالقانون الدولي، في كل ما يتعلق بوضع غزة ومواطنيها الفلسطينيين.
يذكر أن القرار أثار ردود فعل إسرائيلية.
وذكرت صحيفة «معاريف» أن المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية رأوا أن فرض عقوبات على القطاع من شأنه أن يؤدي إلى «موجة جديدة من الإرهاب». ونقلت عن مصدر أمني رفيع المستوى وصفه القرار بأنه «مقاربة شعبوية ومصلحية، وبرأيي فإنه سيزيد إطلاق القسام».