نفت دمشق أمس الأنباء عن إنزال إسرائيلي داخل الأراضي السورية سبق الغارة مطلع الشهر الجاري، مشيرة إلى أنها «حذرة» في الرد على الخرق، الذي استغربت الرياض «السرية» التي تحيط به. وقال وزير الإعلام السوري محسن بلال أمس إن المعلومات التي نشرتها صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية عن قيام قوات إسرائيلية بعملية إنزال داخل قاعدة عسكرية سورية «عارية من الصحة تماماً وهي نتاج خيال مريض ولا تستحق الرد». وأضاف، لموقع «شام برس»، أن «صنداي تايمز الرصينة تسوق رواية إسرائيلية مفبركة عن العدوان الإسرائيلي على سوريا وعما سمته الأدلة النووية».ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن مسؤولين سوريين قولهم إن «الغارة الإسرائيلية قضت على كل فرص استئناف محادثات السلام». وأضافوا أن سوريا «تحذر الرد على إسرائيل نظراً للتفوق العسكري للدولة اليهودية والافتقار إلى الدعم العربي».
وأشار المسؤولون إلى أن «السبب الآخر هو تغير علاقة دمشق مع روسيا»، التي كانت حليفاً لسوريا زمن الاتحاد السوفياتي. ورفضوا الحديث عن أي محادثات سلام جديدة بين سوريا وإسرائيل، بعدما كانت آخر محادثات سلام بين الطرفين انهارت عام 2000 حول حجم الانسحاب الإسرائيلي من مرتفعات الجولان المحتلة، التي تبلغ مساحتها 1750 كيلومتراً مربعاً.
وقال مسؤول سوري، طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«رويترز»: «بعد هذه الغارة يمكنك أن تنسى السلام. ليس سراً أن قواتنا في حالة تأهب منذ بعض الوقت، لكن سوريا لن تكون البادئة بالحرب». وقال مسؤول آخر إن «الدول العربية لم تحتشد تماماً لدعمنا. أما في ما يتعلق بالسلام، فيمكن أن تبدأ الصورة الدولية في التغيير في أواخر العام المقبل بوجود إدارة جديدة في واشنطن».
ونقلت «رويترز» أيضاً عن مسؤولين غربيين في دمشق قولهم إن سوريا لم تأخذ تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت عن السلام بجديّة، ولا سيما أنها جاءت بعد الغارة الإسرائيلية. وقال أحدهم إن «السلام مع إسرائيل ليس أولوية بالنسبة إلى سوريا عندما يكون عليها التعامل مع لبنان والتحقيق في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني رفيق الحريري»، فيما رأى آخر أن الغارة الإسرائيلية جعلت من الصعب على سوريا أن تستخدم قنوات استخدمتها من قبل لنقل رسائل سلام إلى إسرائيل، وبينها تركيا. وأضاف أن «سوريا ستبدو ضعيفة للغاية إذا ما تقربت من إسرائيل خلال وقت قريب. من ناحية أخرى، تعرف سوريا أن أي حرب مع إسرائيل ستعيدها عقوداً إلى الوراء».
وفي السياق، شجبت كوريا الشمالية أمس واشنطن ووسائل الإعلام الأميركية لوقوفها إلى جانب إسرائيل بعد الغارة. وقالت صحيفة «رودونغ سينمون»، الناطقة باسم حزب «العمال» الكوري الشمالي الحاكم، إن «اقتحام الطائرات الحربية الإسرائيلية للمجال الجوي السوري وقيامها لاحقاً بإسقاط قنابل هو انتهاك صارخ للسيادة السورية. إن الأفعال الإسرائيلية تشكل جريمة خطيرة تدمر السلام والأمن الإقليميين». وأضافت الصحيفة: «لكن الولايات المتحدة ساندت التصرف الإسرائيلي الوقح ودافعت عنه. كما نشرت وسائل الإعلام الأميركية مقالات جائرة عن انتهاك المقاتلات الإسرائيلية للمجال الجوي السوري».
وفي التعليق الأول للرياض على الغارة الإسرائيلية، أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في حديث إلى قناة «العربية» أمس، عن قلقه «للسرية» التي تحيط الحديث عن الغارة. وقال: «أي عمل عسكري في المنطقة يقلق بطبيعة الحال، لكن ما يقلقنا أكثر هو السرية التي تحاط بالموضوع». وأضاف: «لم نسمع عن الحادث إلا بعد أيام من حدوثه، وحتى الآن لا نعرف تفاصيله، وليس عندي ما أستطيع أن أقوله عنه». إلى ذلك، أعلن مكتب الناطق العسكري الإسرائيلي أن قوة من جيش الاحتلال عثرت على أربعة إسرائيليين فقد أثرهم مساء الأحد في الجولان. وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية قد تحدثت عن عمليات بحث تجريها قوات من جيش الاحتلال، بمشاركة مروحيات، عن الإسرائيليين الأربعة إثر العثور على سيارتهم متوقفة بالقرب من الحدود مع سوريا، وسط مخاوف من احتمال أن يكونوا قد خُطفوا إلى الأراضي السورية.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)