القاهرة ــ الأخبار
منــع إفــطار للكتـلة البرلمانيّــة لـ«الإخــوان»... وســعد الديــن إبراهيــم يطالب بشــروط للمعونـة

بات النظام المصري أمس في مواجهة أكثر من جبهة داخلية، بعدما أعيد إحياء تحرّك القضاء، ليترافق مع التحرّك العمّالي المستمر منذ ثلاثة أيام، إضافة إلى الأزمة مع الصحافة و«الإخوان المسلمين» والمعارضين الليبراليين.
وينتظر أن تتفجّر أزمة جديدة بين القضاة ونظام الرئيس حسني مبارك بعد تقديم بلاغ للنائب العام ضد نائب رئيس محكمة النقض المستشار أحمد مكي بتهمة التعليق على الأحكام القضائية بعد أحاديث صحافية انتقد فيها الحكم بحبس رؤساء تحرير صحف مستقلة.
ومكي هو أحد زعماء تيار الاستقلال الخاص بالقضاة المصريين، الذين دخلوا مواجهة عنيفة مع النظام في أيار الماضي، عندما أحيل إثنان من نواب رئيس محكمة النقض إلى المحاكمة بتهمة الإساءة إلى القضاء.
وبتحويل المستشار مكي إلى النيابة العامة، تُفتح جبهة جديدة على نظام مبارك، بعد أيام طويلة من مواجهات تُمثل إضرابات العمال أعنفها على الإطلاق؛ فرغم صدور قرار من النيابة العامة بالإفراج عن خمسة قادة عماليين غداة احتجازهم بتهمة الدعوة إلى إضراب في شركة مصر للغزل والنسيج، واصل أكثر من 20 ألف عامل اعتصامهم، لليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بدفع مستحقاتهم المالية المتأخرة وعزل رئيس مجلس إدارة الشركة محمود الجبالي.
وطالت هتافات العمال في اليوم الثالث الرئيس مبارك، حين تساءلت «واحد اتنين ... حسني مبارك فين؟». كما عُلق على باب المصنع لافتة كبيرة كتب عليها عبارة «يا رئيس الجمهورية أين حقوق العمال؟» و«معتصمون حتى الموت من أجل قوت أولادنا».
ودعت حركة «كفاية» إلى تظاهرة في ميدان التحرير اليوم تحت شعار «دفاعاً عن حرية الصحافة». ويتجه الصحافيون المصريون إلى التصعيد في مواجهة النظام بعد صدور حكم بالحبس على رئيس تحرير خامس. ومن المتوقّع أن يقرّر رؤساء تحرير الصحف المستقلة الاحتجاب احتجاجاً على تصعيد النظام لحربه على حرية الصحافة.
وعلى جبهة «الإخوان»، منعت أجهزة الأمن أول من أمس إفطاراً لكتلة «الإخوان المسلمين» البرلمانية. وعلمت «الأخبار» أن إدارة «النادي النهري للأطباء» تعرضت لضغوط أمنية لمنع إقامة إفطار للكتلة البرلمانية. ووصلت إلى الإدارة تهديدات بقطع إمدادات المياه والكهرباء والغاز عن مقر النادي في حالة إقامة إفطار الجماعة.
وتشهد القاهرة اليوم جلسة جديدة للمحاكمة العسكرية لـ40 من قادة «الإخوان» بتهمة غسل الأموال.
في هذا الوقت، صعّد واحد من أشهر المعارضين السياسيين في مصر أمس انتقاداته لنظام مبارك، وطالب بربط المعونة الأميركية السنوية لحكومة بلاده بالحريات السياسية. وقال سعد الدين إبراهيم، الغائب عن القاهرة منذ نحو شهرين تحسباً لاعتقاله، إنه «يضغط على واشنطن والاتحاد الأوروبي من أجل المطالبة بإحراز تقدم نحو المزيد من استقلال القضاء ومزيد من الحريات الإعلامية والحريات الخاصة بالمجتمع المدني وأن تكون الانتخابات بإشراف دولي وذلك في مقابل تقديم المعونة».
وقال إبراهيم، لوكالة «رويترز» من الدوحة، «يتعين أن تكون جميع المعونات مشروطة بإنجازات وخريطة طريق من أجل إصلاح ديموقراطي في مصر». وأضاف «إن هدفي هو الإصلاح والتحول الديموقراطي لبلادي. وأريد أن يعمل كل شيء من أجل الوصول إلى هذا الغرض».
من ناحيتها، استغربت الحكومة المصرية أمس إعراب البيت الأبيض عن «قلقه العميق» من قرارها الموافقة على حل منظمة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، وإدانة عدد من الصحافيين. وقال مسؤول مصري، لـ«الأخبار»، إن بلاده «ترفض مجدداً أي محاولة للتدخل في شؤونها أو التأثير على أحكام القضاء المصري»، داعياً «الإدارة الأميركية إلى التوقف عن منح نفسها حق الوصاية على شعوب العالم».
وأضاف المسؤول نفسه انه «يتعيّن على الولايات المتحدة احترام أحكام القضاء وعدم التعليق عليها»، مشيراً إلى أنه «ليس من حق أميركا محاولة فرض وجهة نظر معينة على صانع القرار السياسي المصري».
ويقول دبلوماسيون غربيون في القاهرة، لـ«الأخبار»، إن «الجدل المحتدم بين القاهرة وواشنطن حول ملفات حقوق الإنسان وحرية الصحافة في مصر هو جزء من لعبة الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لإقناع نظام حكم الرئيس المصري حسني مبارك بالتجاوب مع سياستها تجاه العراق وإيران وملف عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط».