أظهرت وثائق من الأرشيف البريطاني، رفعت عنها السرية أخيراً، أن الملك الأردني الراحل حسين كان مستعداً لمنح منصب نائب رئيس الوزراء في حكومته إلى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مشيرة إلى «إن العرض تم عبر وسيط في عام 1974 حين واجه الملك حسين إمكان قيام حكومة فلسطينية في المنفى تسعى إلى تقسيم الأردن».وأضافت الوثائق أن عرفات، بصفته زعيماً لمنظمة التحرير الفلسطينية، «كان يتحرك بقوة لإعادة اللاجئين الفلسطينيين، الذين كان يقيم معظمهم في أراضي الضفة الغربية التابعة للأردن وقتها، إلى شكل من أشكال الدولة المستقلة، وحظي في هذا التوجه بدعم مصر وسوريا والسعودية».
وبحسب الوثائق السرية، «خشي الملك حسين من تقسيم مملكته ونقل الأراضي الواقعة على جانبي نهر الأردن إلى الفلسطينيين، وسعى إلى التودد من عرفات في عام 1974 وعرض عليه المنصب، لكن العرض لم يقد إلى نتيجة فسلم الملك الأردني (وقتها) بآفاق إقامة دولة فلسطينية منفصلة».
وأشارت الوثائق أيضاً إلى أن «قادةً فلسطينيين حضّوا عرفات على عدم اعلان دولة مستقلة في السبعينيات لأنهم كانوا يخشون من ان يسمح هذا الاجراء لإسرائيل بالاحتفاظ بالسيادة على كل الاراضي الفلسطينية».
وتظهر برقيات وزارة الخارجية البريطانية أن دبلوماسيين بريطانيين أمضوا معظم الوقت في بلورة رأي بين الفلسطينيين المؤثرين في محاولة لفهم ما اذا كان عرفات مصمماً على اعلان دولة فلسطينية مستقلة، وكيف سيكون رد فعل الاردن ودول اخرى مجاورة اذا حدث ذلك.
وتسجل برقية نشرها الارشيف الوطني أمس، اجتماعاً عقده دبلوماسي مع رشاد الشوا، وهو قيادي فلسطيني في قطاع غزة، في شباط عام 1974، بعد فترة قصيرة من اجتماع الشوا مع عرفات لبحث الاستقلال.
وكتب الدبلوماسي يقول «رفض الشوا الاقتراح الذي قدمه له ياسر عرفات على اساس أنّ أي محاولة لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة ستوفر للاسرائيليين فرصة للإصرار على الاحتفاظ بسيادتهم على كل فلسطين لأسباب أمنية». وأضاف «قال رشاد إن الغالبية العظمى من الشعب في قطاع غزة والضفة الغربية تؤيّد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة بسبب كراهيتهم لنظام الأردن، لكنهم لا يدركون ان مثل هذه الدولة لن يكتب لها البقاء من دون مساعدة أجنبية».
وكان بعض الزعماء العرب في ذلك الوقت، وبصفة اساسية الرئيس المصري الراحل أنور السادات، يشجعون عرفات على اعلان دولة مستقلة، لكن الشوا حذّر عرفات من أن مصر كانت تحاول فقط أن تتحلّل من أي التزام ازاء الفلسطينيين.
ونقل الدبلوماسي عن الشوا قوله إن «السادات وزعماء عرباً آخرين ضاقوا ذرعاً بالفلسطينيين وأصبحوا مهتمين فقط برفاهية شعوبهم».
وفي الوقت نفسه، كان الأردن يخشى من ان يتصرف عرفات بطريقة مستقلة ويسبب اضطرابات بين شعبه. وقال وليّ العهد آنذاك الامير الحسن، شقيق الملك حسين، لدبلوماسيين بريطانيين، انه لن يحضر قمة اسلامية كان من المتوقع أن يحضرها عرفات.
(رويترز، يو بي آي)