لجأ آلاف المسيحيين العراقيين إلى لبنان عن طريق الحدود السورية، حيث يعملون بصفة غير شرعية لإعالة أسرهم، بعدما تخلّوا نهائياً عن فكرة العودة الى بلادهم. ويقول دلير نوري سليمان، الذي يعيش مع عائلته في غرفة واحدة في بلدة الجديدة في ضاحية بيروت، «كنّا في عهد (الرئيس العراقي الأسبق) صدام حسين نعيش في أمان، فعلى الأقل كانت لنا كرامتنا وحياة لائقة».وتروي لبنى، الأم لثلاث بنات، كيف فرّت مع أسرتها من العراق في كانون الأول عام 2004، عبر إقليم كردستان، الى سوريا، ومن ثمّ إلى لبنان في سفينة عبر نهر.
ودفعت عائلة لبنى الكلدانية 1200 دولار لقاء هذه الرحلة، وقد اتخذت قرارها بالرحيل بعد أن قتل مسلّحون تقول إنهم من «القاعدة» أحد أقاربها الذي كان يعمل شرطياً.
ويُجمع معظم اللاجئين العراقيين في لبنان، ممّن تحدّثوا إلى مراسل وكالة «فرانس برس» على «حلم» مغادرة لبنان، «إلى حيث يعيشون بكرامة»، خصوصاً إلى الولايات المتحدة.
ويُقَدَّر عدد المسيحيين العراقيين، ومعظمهم من أتباع الكنيسة الكلدانية، بنحو 800 ألف شخص، أي ما يمثّل 3 في المئة من الشعب العراقي. غير أنّ عدد هؤلاء في العراق بات يُقَدَّر بنصف هذا العدد بعد الاحتلال، بسبب ما تتعرّض له كنائسهم ومنازلهم من تفجيرات، شأنهم شأن جميع الطوائف العراقية.
ويقول جورج سمعان (67 عاماً)، وهو من مسؤولي الجالية الكلدانية في لبنان، إنهم من دون الكنائس في العراق، «لن يعودوا إطلاقاً»، جازماً أنّه «لا مستقبل للمسيحيين في العراق»، في ظلّ غياب الموارد المالية ووسائل الحماية الأمنية المطلوب توافرها لحمايتهم».
وتتكفّل جمعيات خيرية مسيحية ولا سيما تلك الكاثوليكية، بتعليم الاطفال، فيما يجد الرجال عامة وظائف بأجر منخفض وتعمل الزوجات خادمات في المنازل.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة في لبنان، لور الشدراوي، «إن المسيحيين العراقيين يفضّلون لبنان، لأنهم، شأنهم شأن السنة والشيعة، ينجذبون الى التعددية الدينية الموجودة هنا».
ويسجّل نحو عشرين شخصاً يومياً أنفسهم في مكاتب مفوضية اللاجئين في بيروت، للحصول على وضع «لاجئ»، غير أن السلطات اللبنانية تصعّب شروط استقبال الوافدين الجدد.
وعن اختلاط هؤلاء اللاجئين العراقيين باللبنانيين، يروي سرمات، وهو فتى عراقي في الثانية عشرة من العمر، قدم مع عائلته من بغداد، أنّ «والديه حصلا على الأوراق القانونية للذهاب الى السويد، وهو يريد ذلك لأنه ليس سعيداً هنا».
(أ ف ب)