strong>«سعر النفط يتّجه مباشرة إلى 100 دولار للبرميل». عبارة أطلقها الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بعد ساعات من صعود أسعار الذهب الأسود، أوّل من أمس، إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق لتقارب الـ 79 دولاراً للبرميل الواحد. ارتفاع أصبح روتينياًَ منذ عام 2003. إلّا أنّ إعراب الأميركيّين، أمس، عن «قلقهم» بسببه، يصبح أكثر دلالة مع تأكيد «أوبك» أنّها «لا يمكنها عمل شيء لمواجهته»
هوغو تشافيز ليس الوحيد الذي يعتقد أن صعود أسعار النفط سيستمر. فقد توقّعت مجموعة «غولدمان ساكس» الأميركيّة للاستثمارات، وهي من أضخم المصارف الدوليّة في هذا المجال، الشهر الماضي أنّ الأسعار ربما تصل إلى 95 دولاراً للبرميل في نهاية العام الجاري.
وارتفاع الأسعار يداويه رفع المعروض من السلع المطروحة، بحسب منطق السوق. إلّا أنّ وزير النفط القطري عبد الله بن حمد العطية أوضح، أمس، أنّ منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» لا يمكنها فعل شيء لأنّه لا يوجد نقص في معروض الخام في السوق، موضحاً أنّ «المخزونات في الدول الصناعية في مستويات مرتفعة».
وبانتظار اجتماع «أوبك» المقرّر في 11 أيلول المقبل لمناقشة سياستها النفطية، وفيما كميّة المخزونات النفطيّة لا تزال أكبر من مستوياتها في العام الماضي، قال العطية إنّ «هناك وفرة من النفط في السوق ونحن نعرف أنّنا لا يمكننا التحرّك إلّا حينما يوجد نقص حقيقي في الإمدادات ودليل على أنّ هناك حاجة إلى مزيد من الإنتاج».
وكانت الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الدولية قد حثّتا «أوبك» مراراً على زيادة الإنتاج للمساعدة على كبح الأسعار المرتفعة. غير أنّ المنظّمة النفطيّة تعزو هذا الارتفاع إلى ضيق طاقة تشغيل المصافي في الدول المستهلكة والتوتّرات السياسية الدولية بسبب البرنامج النووي الإيراني. وهو الرأي الذي كرّره العطيّة أمس.
بيد أنّ الجديد الذي فرضه الارتفاع الأخير في الأسعار، والذي أوصلها إلى مسوى قياسي بلغ 78.77 دولاراً للبرميل، كان القلق الذي أبداه وزير الطاقة الأميركي سام بودمان، الذي أوضح، في حديث للصحافيّين، أنّ استمرار أسعار النفط الأميركي عند مستوى قرب الـ80 دولاراً للبرميل قد يؤثر على نمو الاقتصاد الأميركي الذي لم يواجه قط أسعار نفط عند هذا المستوى «مدّة طويلة». وقال «أشعر بقلق مع كل ارتفاع للسعر».
ودأبت الأسواق منذ عام 2003 على دخول مرحلة تصحيح حادّة بعد ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسيّة في كلّ عام.
وبعد الارتفاع الذي سجّله الخام الأميركي أوّل من أمس، عادت الأسعار لتستقرّ قرب الـ 76 دولاراً للبرميل، أمس، مع تحذير بعض المحلّلين من حركة تصحيح في السوق.
وكان شهر تمّوز من العام الماضي قد شهد بلوغ الأسعار ذروة الـ 78.40 دولاراً للبرميل، قبل أن تعود لتهوي بنسبة 36 في المئة في الأشهر الستة اللاحقة لتنزل عن 50 دولاراً للبرميل.
ولفت مراقبون إلى أنّه طبقاً للتصحيح الذي شهدته الأسعار في السنوات الأربع الأخيرة يبدو أنّ الأسواق متوجّهة نحو سيناريو مماثل. وقال رئيس مجلس إدارة شركة «نوميسما إنيرجيا» لأبحاث واستشارات الطاقة، دايفيد تاباريلي، «ستعود السوق عاجلاً أم آجلاً إلى التوازن».
ويقول محلّلون إنّ موجة الصعود الأخيرة هذه يغذّيها أساساً تدفّق استثمارات جديدة، وليس أنباء كبيرة تتّصل بالعوامل الأساسية مثل الأعاصير أو توترات الشرق الأوسط. وقال الخبير في شركة «بتروماتركس» أوليفر جايكوب «نفتقر إلى أنباء صعودية منذ فترة»، فبالمقارنة مع أسواق الطاقة الأخرى، يقف الخام الأميركي وحيداً في صعوده على مدى الشهر الماضي.
وفيما يُعتبر كارثة على الاقتصاد الأميركي، يشكّل ارتفاع أسعار النفط عاملاً مساعداً في إعادة الإعمار في العراق، على حدّ تعبير وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني، الذي أمل عدم حدوث قفزة سريعة تؤدّي إلى انعدام الاستقرار في الأسواق العالمية. وأضاف الشهرستاني، الذي تنتج بلاده مليوني برميل من النفط يومياً وتحتلّ المرتبة السادسة من حيث الدول المنتجة في «أوبك»، «سنسعى خلال الاجتماع المقبل لأوبك إلى زيادة طفيفة في الإنتاج تلبّي حاجة الأسواق العالمية من أجل الحفاظ على توازن الأسعار».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، أ ب)