تصاعدت حدة الجدل في فرنسا أمس، بعد تأكيد الحكومة توقيع عقد تسلّح مهم مع ليبيا لتزويدها صواريخ مضادة للدبابات، ما دفع المعارضة الاشتراكية إلى المطالبة بتأليف لجنة تحقيق برلمانية في صفقة محتملة قد تكون أُبرمت بين باريس وطرابلس، نتج عنها إطلاق الممرضات البلغاريات.وأكد وزير الدفاع الفرنسي هيرفيه موران أمس أن ليبيا وقّعت فعلاً «إعلان نيّات» لشراء صواريخ من طراز «ميلان»، وهو سلاح فرنسي يصدّر إلى أكثر من أربعين بلداً.
وأوضح موران أن عملية البيع هذه حظيت بـ«موافقة مبدئية» من لجنة وزارية فرنسية منذ شباط 2007، «إبّان ولاية الحكومة السابقة»، مشيراً إلى أن «هناك أيضاً إعلان نيّات حول أنظمة اتصالات» لاسلكية.
وكشف موران عن أن «ثمة بلداناً عديدة تجري مشاورات مع طرابلس: الإيطاليين والروس والبريطانيين»، مضيفاً «إذا لم نوقّع نحن عقوداً فسيوقّعها آخرون».
في المقابل، طالب زعيم الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند بتأليف لجنة تحقيق برلمانية. وقال إن على هذه اللجنة أن «توضح الجانب المتعلق بالاتفاق التجاري الكلاسيكي، إذا صح التعبير، والجانب المتعلّق بمفاوضات مع بلد اعتقل، ويا للأسف، رهائن طوال ثمانية أعوام، وحاول استغلال هذا الأمر على الساحة الدولية».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «لوموند» الفرنسية أمس أن «من المنطقي ألا يترك ديكتاتور مثل معمّر القذافي رهائنه من دون فدية كبيرة»، مشيرة إلى أن «قصر الإليزيه حاول بشدة تصوير الوضع كما لو كان الرئيس وزوجته قد اجتازا وحدهما المفاوضات الصعبة ليصلا إلى المخرج السعيد (لقضية الممرضات)».
وفي تأكيدها حدوث الصفقة الوشيكة، قالت شركة «إيدس» إن شركة «إم.بي.دي.إيه»، فرعها المتخصص في صناعة الصواريخ، تلقّت طلبين من ليبيا بقيمة تقريبية تناهز 300 مليون يورو (411 مليون دولار). وأضافت أن العقد الأول، وهو بقيمة 168 مليون دولار من أجل شراء صواريخ ميلان، قارب الاكتمال.
وقالت المتحدثة باسم شركة «إم.بي.دي.إيه»، «إن العقد جاهز للتوقيع»، مشيرة إلى أن العقد الثاني، وهو بقيمة 128 مليون يورو من أجل شراء أنظمة اتصالات، يقترب هو أيضاً من الاكتمال.
وكانت ليبيا قد أوضحت أن عقد التسلّح هذا، هو الأول الذي يوقّع مع دولة أوروبية منذ رفع الحظر الأوروبي عن بيع الأسلحة لطرابلس عام 2004.
أما وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي يزور أكرا في غانا، فقد تبنّى بدوره موقفاً معتدلاً. وقال «في مسائل مماثلة، لدينا أساليب فرنسية ـــــ ألمانية أثبتت جدواها، وسنستند إليها هذه المرة أيضاً».
وكان مصدر ليبي قد ذكر أول من أمس أنه حصل توقيع عقود تسلّح تبلغ قيمتها الإجمالية 296 مليون يورو (402 مليون دولار) مع فرنسا. وأوضح أن العقد لتوريد نظام «تيترا» للاتصالات، وُقّع مع مجموعة «إي.إيه.دي.أس» التي تسيطر عليها شركات فرنسية وألمانية، بينما وُقّع عقد الصواريخ مع شركة «إم.بي.دي.إيه» وهي وحدة تصنيع الصواريخ في «إي.إيه.دي.أس».
(أ ف ب، رويترز، د ب أ)