تحوّلت قضيّة تكريس روسيا لـ«حقوقها» بالثروة النفطيّة والغازيّة تحت مياه المحيط المتجمّد الشمالي موضوعاً سجالياً، بعدما رأت الولايات المتحدة أنّ لا وجود إطلاقاً لتلك «الحقوق»، ووصفت كندا خطوة موسكو بأنّها «عمل من روح القرن الخامس عشر». انتقادات ردّت عليها الخارجيّة الروسيّة بالقول «نعرف ما نستطيع إثباته»، في إشارة إلى نصب غوّاصة روسيّة علم بلادها في قاع المحيط القطبي.وفيما انتشى الروس بنجاح الغوّاصتين «مير ـــــ 1» و«مير ـــــ 2» في مهمّتهما، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركيّة توم كايسي بتهكّم «لا أعلم ما إذا كانوا قد نصبوا علماً معدنياً أو علماً بلاستيكياً أو إذا كانوا قد غطّوا قعر المحيط بقماش، لكن هذا الأمر ليس له أيّ معنى» حيال حقوق محتملة في الثروات تحت المحيط المتجمد الشمالي.
بدوره، شدّد وزير الخارجيّة الكندي بيتر ماكاي على أنّه «لا حقّ لأحد في أنّ يجوب العالم ويزرع الأعلام مدّعياً أنّ هذه المنطقة له لأنّنا لم نعد في القرن الخامس عشر».
إلّا أنّ وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف لم يتورّع عن الردّ على المنتقدين، واصفاً تعليقات نظيره الكندي بأنّها «مدهشة حقّاً»، وموجّهاً رسالة إلى الجانب الأميركي مفادها أنّ «روسيا تستطيع إثبات حقوقها» المشروعة.
وتعطي اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق البحار، التي وقّعتها روسيا في عام 1997، الدول المنضوية فيها إمكان التقدّم بطلبات حول العمق البحري الذي تريد بسط سيادتها عليه، ويكون أبعد من مياهها الإقليمية التي تمتدّ 200 ميل.
وفي عام 2001، قدّمت روسيا طلباً أمام لجنة تابعة للأمم المتحدة بشأن حقوق البحار وطالبت فيه بالعمق البحري في محيط القطب الشمالي، في ظلّ امتناع أميركي عن التوقيع على الاتّفاقيّة، وهو ما شدّد عليه كايسي أمس.
وكندا والولايات المتّحدة ليسا البلدين الوحيدين المنافسين لروسيا، الطامحين لإيجاد توليفة تقسّم القطب الشمالي ومحيطه، تكسبهما ممّا تحويه تلك المنطقة من ثروات طبيعيّة؛ فالنروج والدنمارك تجريان أيضاً مسوحات لتحديد حقوقهما الجغرافيّة.
وفيما سعت موسكو من وراء بعثتها العلميّة إلى التأكيد على أنّ جزءاً من قاع المحيط، ويسمّى «سلسلة لومونوسوف»، هو امتداد لأرضها الطبيعيّة، وهو ما يعطيها حقّاً بالثروات المعدنيّة الباطنيّة، أعلنت أوتاوا عن نياتها إنفاق 7.1 مليارات دولار لإثبات حقوقها الخاصّة.
ولفت القائد العام للأسطول البحري الحربي الروسي الأدميرال فلاديمير ماسورين، إلى ضرورة تنامي دور أسطول البحر الأسود في ضمان أمن النشاط الاقتصادي لروسيا في المنطقة. ونقلت وكالة الأنباء الروسيّة «نوفوستي» عنه قوله إنّه «ينبغي أن يشعر البحّارة على متن السفن التجارية التي تحمل العلَم الروسي بأنهم في أمان».
وشدّد ماسورين على أنّه يتعيّن على روسيا إعادة وضع أسطولها الدائم في البحر المتوسط الذي «يعدّ بالنسبة لأسطول البحر الأسود الروسي منطقة عمليات مهمّة»، مشيراً إلى أنّ من الضروري أن تولي موسكو اهتماماً خاصاً للتعاون مع القوّات البحرية الأوكرانية والتركية حيث «تعدّ تركيا قوّة إقليمية مهمّة».
إلى ذلك، انتهت أزمة الغاز بين موسكو ومنسك أمس، بعدما تمّ تسديد 190 مليون دولار من إجمالي المبالغ المستحقّة على بيلاروسيا لشركة «غازبروم» والبالغة 464 مليون دولار، وهو ما أمّن استمرار تدفّق الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا.
وكانت «غازبروم»، التي تحتكر تجارة الغاز الطبيعي الروسي، قد هددت بخفض كميات الغاز التي ترسلها إلى روسيا البيضاء بنسبة 55 في المئة ابتداءً من يوم أمس، بعد تخلف مينسك عن سداد قيمة الغاز الذي حصلت عليه خلال الأشهر الستة الماضية بالكامل، الأمر الذي هدّد بارتفاع أسعار الوقود في أوروبا، التي تؤمّن 25 في المئة من استهلاكها من الغاز من روسيا.
أ ب، أ ف ب، رويترز، د ب أ)