واشنطن ــ محمد سعيد
خسائر بين 1.5 و5.5 مليارات دولار سنوياً


أكّد التقرير الحكومي الأميركي الأحدث بشأن النفط العراقي، أنّ بلاد الرافدين تخسر من عائداتها من الذهب الأسود سنوياً مبالغ مالية هائلة تتراوح بين 1.5 مليار دولار و 5.5 مليارات دولار سنوياً، نتيجة عدم احتساب ما بين 100 إلى 300 ألف برميل نفط من إجمالي الإنتاج اليومي للبلاد، المقدر بمليوني برميل، عازياً الأمر إلى عمليّات التهريب والفساد الإداري، ومعرباً عن نظرته «المتشائمة» حول مستقبل القطاع.
وقال التقرير، الذي قدمه مدير الشؤون الدولية والتجارة في مكتب المحاسبة العام جوزيف كريستوف، في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية الفرعية للشرق الأوسط في مجلس النوّاب الأميركي الشهر الماضي، إنّ «أمام الحكومة العراقية شوطاً طويلاً لتقطعه قبل التمكن من تحقيق الأهداف التي تطالبها بها الحكومة الأميركية في مجال الطاقة».
وأوضح التقرير أنّه بعد مرور 4 سنوات على الاحتلال وصرف 2.7 مليار دولار في برامج إعادة الإعمار الخاصة بقطاع النفط، فإنّ معدّلات إنتاج النفط العراقي وتصديره تبقى متواضعة وأقلّ بكثير ممّا كان يخطط له الجانب الأميركي.
وحول الأرقام التي نشرتها وزارة الخارجية الأميركية حول كميات إنتاج النفط العراقي، أشار التقرير إلى أنّه مبالغ فيها، بعد مقارنتها بأرقام وزارة الطاقة الأميركية التي تُظهر مستويات إنتاج أقلّ تصل إلى نحو 300 ألف برميل يومياً.
وفيما يتّهم بعض المسؤولين في الخارجيّة الأميركيّة الميليشيات الشيعية في جنوب العراق بقضيّة النقص، يلفت التقرير إلى أنّ الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي عاجزة عن التدخّل لتلاقي مصالحها مع هذه المليشيات، بينما لا يبدي الاحتلال ميلاً واضحاً لاستخدام ما لديه من إمكانات لوقف التهريب، حيث تتّهمه قوى عراقية وخبراء نفطيّون مباشرة بأنّه يغضّ الطرف عن العديد من حالات التهريب.
وفي شأن حالات الفساد والسرقة والتهريب والفشل في وضع عدادات مترية دقيقة، يوضح التقرير أنّها أدّت إلى خسارة العراق تلك المليارات من الدولارات، مؤكّداً أنّه إلى جانبها، يقف التدهور الأمني وراء شلل القطاع النفطي، وأن شكوكاً كبيرة تحيط بإمكان تحقيق أي تحسّن في هذا الأمر مع صرف نحو 80 في المئة من المساعدات الأميركية التي قُدّمت لـ«الإصلاح».
يُذكر أنّ موضوع الفساد المستشري في العراق يجري وصفه بأنّه «تمرّد ثان»، إلى جانب المقاومة العراقية المسلّحة ضدّ الاحتلال. وأثره المعيق على إعادة الإعمار حدا بالمسؤولين الأميركيين إلى تشكيل 3 أجهزة لمكافحة الفساد هي: «هيئة المحققين العليا»، «لجنة النزاهة العامة» و«المفتش العام العراقي».
وبعد إشارته إلى أنّ الحكومة في بغداد صرفت أقلّ من 3 في المئة فقط من أصل 4.5 مليارات دولار مخصّصة لإصلاح القطاع النفطي في عام 2006، يختتم التقرير بتقديم نظرة متشائمة حول مستقبل هذا القطاع بحكم الأمور الكثيرة التي ستعيق تشريع أو تنفيذ أيّ قوانين فعّالة في مجال الطاقة وصعوبة اجتذاب استثمارات أجنبية لتحديثه.
وتطلب الحكومة الأميركيّة من مجلس النوّاب العراقي المصادقة على قانون النفط الذي ينصّ على خصخصة القطاع النفطي وتسليمه إلى الشركات الأجنبية قبل 15 أيلول المقبل، وهو الموعد الذي حدّده الكونغرس للرئيس جورج بوش من أجل تقديم التقرير النهائي حول التقدّم الذي يجب أن يُحرز في العراق.
كما من المقرّر أن يقدّم مكتب المحاسبة العامّة في موعد أقصاه الأوّل من الشهر المقبل، تقريراً إلى الكونغرس حول التقدّم الذي تحرزه الحكومة العراقية بشأن استقرار العراق. وقد أصدر المكتب، من خلال طاقم الشؤون الدولية الذي يتكوّن من 15 عضواً، منذ الغزو في عام 2003، ما لا يقلّ عن 90 تقريراً حول العديد من المواضيع بما فيها سوء إدارة الصناعة النفطية والمشاكل التي يشهدها الجيش وقوّات الأمن العراقية.
تجدر الإشارة إلى أنّ سلطات الاحتلال وأنصارها في العراق تدّعي أنّ قانون النفط يعمل على تقسيم عادل لعائدات النفط بين سكان محافظات العراق، وبالتالي تمهيد الطريق أمام «المصالحة السياسية»، وهو ما ينفيه عشرات الخبراء النفطيين والاقتصاديين العراقيين والأجانب.