واشنطن ــ محمد سعيد
يتوقّع مسؤولون أميركيون أن يقدّم مدير مجلس الاستخبارات القومي الأميركي مايك ماكونيل في وقت لاحق من الشهر الجاري التقويم الاستخباري الأحدث عن الوضع في العراق، إلى البيت الأبيض، قبل وقت قصير من الموعد المحدّد للتقرير الذي يطلبه الكونغرس من قائد قوّات الاحتلال في بلاد الرافدين الجنرال دايفيد بيترايوس والسفير الأميركي في بغداد رايان كروكر.
ويشير مسؤولون إلى أنّ التقرير الجديد «يرسم صورة معتدلة للوضع في العراق، تستبعد انفجار حرب أهلية في وقت تحرز فيه العملية السياسية تقدماً». بيد أنّ مسودته، وطبقاً لمصادر مطّلعة في واشنطن، تحذّر من قيام الجماعات المسلّحة «السنيّة والشيعية» المناهضة للاحتلال بشنّ هجمات مؤثّرة قبيل تقرير بترايوس ـــــ كروكر، تكون على غرار هجوم «تيت» الذي قام به مقاتلو «فيتكونغ» ضدّ القوّات الأميركية في فييتنام في ربيع عام 1968 والذي أسفر عن انتصار معنوي كبير لـ «جبهة التحرير الوطني» الفييتنامية.
ويتزامن الحديث عن مثل هذه المخاوف مع نشر تقارير ميدانية تؤكّد أنّ قوّات الاحتلال في العراق، التي نال منها الإجهاد على الرغم من وصول عديدها إلى 162 ألف عنصراً، تعاني الإعياء الشديد في مواجهة نوع جديد من المعارك، فيما باتت المؤسّسة العسكرية الأميركية على المحكّ. وتسعى وزارة الدفاع الأميركية جاهدة إلى إيجاد مخرج من الأزمة الراهنة وسط تزايد في حالات فرار جنود، وتغيّب آخرين من دون إذن من صفوف القوّات المنتشرة في العراق.
ففي ظل ارتفاع عدد القتلى من الجنود الأميركيّين منذ غزو عام 2003 إلى 3683 جندياً، قارب عدد حالات الفرار والتغيّب 3 أضعاف ما كان عليه قبيل أحداث 11 أيلول 2001.
وأوضح عسكريّون أميركيّون في العراق أنّهم يعانون بشدّة قلّة الوقت المخصّص للنوم وسط ظروف حافلة بأسباب الانزعاج، رأت صحيفة «أوبزرفر» البريطانية أنّه يلخّص وضع الجيش المنهك فى العراق، حيث «تبدّدت نغمة التفاؤل التي كانت تميّز مناقشات الجنود من قبلُ وأحاديثهم المفعمة بالثقة عن إحلال الديموقراطية وهزم تنظيم القاعدة، وانقشعت لتحلّ محلّها لغة مغايرة تعبّر عن الشعور بالضياع والفشل والعجز عن تحقيق الأهداف».
ومن قبيل المفارقات أن تتحدّث مسؤولة عسكرية في مجال التوجيه المعنوي للقوّات الأميركيّة في العراق بلهجة تعبّر عن العجز بدلاً من «التصريحات الوردية». ونسبت «أوبزيرفر» إلى هذه العسكرية قولها «جيشنا منهك، ونحن نحتفظ فى مسرح العمليات بجنود فعل فيهم الإعياء أفاعيله». وازدادت حدّة المفارقة عندما أكّد زميل لها على حديثها بقوله «نعم، تلك هي الحقيقة ولتعلم وسائل الإعلام أحوالنا هنا كما هي بالضبط».