مع وصول الفترة الفاصلة عن موعد تقرير القائد الأعلى لقوات الاحتلال الاميركي في العراق، الجنرال دايفيد بيترايوس، والسفير لدى بغداد رايان كروكر، إلى أقل من أربعة أشهر، يبدو أنّ إدارة الرئيس جورج بوش تنحو منحى حماية الرجلين من محاسبة الكونغرس، في إشارة إلى توقّعات البيت الأبيض لسيناريو متشائم سيرسمه التقرير المنتَظَر عن مدى التقدّم الذي أنجزته خطّة بوش منذ شباط الماضي، سياسياً وأمنياً. وكشفت مصادر مطّلعة في الكونغرس، لصحيفة «واشنطن بوست» أمس، عن أن البيت الأبيض اقترح أن يقدّم بيترايوس وكروكر شهادتين موجزتين، في جلسة مغلقة، قبل أن يقدّم وزيرا الخارجية كوندوليزا رايس والدفاع روبرت غيتس التقرير النهائي لكروكر وبيترايوس، بدلاً عنهما.
ووصفت الصحيفة هذا الاجراء بأنه محاولة من الادارة لتحجيم أو حتى «منع» الشهادة العلنية للشخصيتين الأساسيتين في العراق.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين رفيعي المستوى في الكونغرس قولهم إن «البيت الأبيض اقترح أن يقتصر ظهور كروكر وبيترايوس في مبنى الكابيتول هيل على جلسة خاصة وموجزة أمام لجنتي الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ»، مؤكّدين أنّ هذا الاجراء مخالف للتشريعات التي تنصّ على تقديم هذا النوع من التقارير أمام الجمعية العامة لجميع أعضاء المجلسين.
كذلك أشاروا إلى أن البيت الأبيض اقترح أن يقوم غيتس ورايس بـ «تقديم الشهادة العلنية الوحيدة» في هذا الموضوع أمام المجلسين مجتمعين، حيث للديموقراطيين المعارضين للحرب، غالبية الأعضاء.
ولم ينفِ المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي غوردون جوندراو، للصحيفة نفسها، تقديم البيت الابيض لهذا الاقتراح خلال محادثات غير رسمية مع مسؤولين في الكونغرس، إلا أنّه شدّد على أنّ بوش «لن يحمي بيترايوس وكروكر من محاسبة الكونغرس»، التي ينص عليها قانون تمويل الحرب الذي وقّعه بوش في أيار الماضي.
لكن رئيس لجنة القوات المسلّحة في مجلس الشيوخ كارل ليفين، أصرّ على جلسة استماع مفتوحة لبيترايوس. ونُقل عن رئيس الهيئة البرلمانية للحزب الديموقراطي في مجلس النواب، رام إيمانويل قوله «يستحق الأميركيون تقويماً غير متحيّز للأوضاع في العراق، ومن المحزن أننا لن نتلقّى سوى شذرات من الأشخاص أنفسهم الذين قالوا لنا سابقاً إن المهمة أُنجزت وإن التمرّد بات في مرحلته الأخيرة».
وفي السياق، كشفت مصادر رسمية في واشنطن، لصحيفة «لوس أنجليس تايمز» أول من أمس، عن أنه يتوقّع أن يعلن بيترايوس خطّة لإعادة انتشار جنود البحرية الأميركية في العراق، وزيادة الاعتماد على القوات العراقية، إذ يعتقد القادة أن الأمن تحسّن، بما في ذلك محافظة الأنبار ومحافظتا نينوى والموصل».
ونقلت الصحيفة نفسها عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم إنه من المتوقَّع أن يوصي بيترايوس «بسحب الجنود من هذه المناطق في التقرير» الذي سيقدّمه إلى الكونغرس في 15 أيلول المقبل.
لكنّ مسؤولاً في وزارة الدفاع الاميركية أوضح أن توصية بيترايوس هذه «لن تتبعها بالضرورة دعوة إلى خفض العدد الإجمالي للجنود الأميركيين في العراق».
من جهته، حذّر كروكر من أنّ أي انسحاب لقوات بلاده من العراق سيؤدّي إلى «تقدّم كبير لمصلحة ايران التي ستسيطر كلياً على البلاد، بما يهدّد مصالح واشنطن في المنطقة برمّتها». ورأى أنّ طهران تعمل ما في وسعها لإضعاف حكومة نوري المالكي، كاشفاً عن أنّ هذه الملاحظات ستكون أساسية في تقريره الذي سيقدّمه بشكل مشترك مع بيترايوس. وقال كروكر، الذي لم يبدأ بعد في الصياغة النهائية للتقرير، إن على النواب والشيوخ الاميركيين تحمّل مسؤولية ضغطهم المتواصل في سبيل انسحاب مبكر «نظراً للتقدّم الكبير الذي ستحرزه علينا ايران إذا فعلنا ذلك».
في هذا الوقت، حذّر القائد العسكري الأميركي ريك لاينش من العراق أول من أمس، من خطر فقدان قواته لودّ العرب السنة الذين كانوا مناهضين للاحتلال في العراق، قبل أن يتحالفوا معه ضدّ «القاعدة»، خصوصاً في مناطق الأنبار والفلّوجة. وقال لاينش إنّ هؤلاء قد «ينقلبون على أعقابهم غداً إذا لم تشركهم الحكومة العراقية سريعاً».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)