بعدما كانت الطائفة اليزيدية مغمورة في الإعلام العربي والعالمي، تحوّلت منذ يوم الثلاثاء الماضي إلى الخبر الأول على عناوين وسائل الإعلام العالمية، وذلك إثر استهدافها بأربعة تفجيرات انتحارية، هي الأعنف في بلاد الرافدين منذ وقوعها تحت الاحتلال عام 2003. وفي وقت لم تنتهِ فيه أعمال الإغاثة في مدينتي القحطانية والجزيرة، غربي الموصل على الحدود العراقية ـــــ السورية، لانتشال الجثث من جرّاء التفجيرات، وصلت الحصيلة غير النهائية لعدد الضحايا إلى 500 قتيل و100 جريح، غالبيتهم العظمى من اليزيديينمن هي هذه الطائفة الأقلية في العراق؟ أين يتمركز رعاياها؟ وما هي أبرز مناطقها وشعائرها الدينية؟ وهل فعلاً تتعرّض للإبادة لأنها طائفة غير مسلمة؟ تمثّل الطائفة اليزيدية واحدة من أصغر الأقليات الدينية والقومية في العراق. ويبلغ عدد اليزيديين، ومعقلهم منطقة سنجار (475 كيلومتراً شمال غرب بغداد)، نحو 500 ألف نسمة في بلاد الرافدين، وفقاً لمصادرهم. إلا أن تقديرات أخرى تؤكّد أن هذا العدد يشمل جميع أبناء هذه الطائفة في كل دول العالم، وخصوصاً في ألمانيا وبريطانيا وتركيا وروسيا وسوريا.وتُعدّ هذه الطائفة مزيجاً من ديانات عديدة، مثل اليهودية والمسيحية والإسلام والمانوية والصابئة، ويتّبع أبناؤها طقوساً خاصة بهم، ويشتهرون بصناعة الكحول والحلويات المنزلية.
وتعود جذور هذه الطائفة الباطنية الى القرن الثاني عشر، ومؤسّسها هو الشيخ عدي بن مصطفى الأموي، الذي ولد في دمشق عام 1162، وتوفّي في لالش التي تبعد حوالى عشرة كيلومترات عن شيخان (شمال غرب العراق).
ولالش (430 كيلومتراً شمال بغداد) هو أهم معابدهم، ومن أقدم الأماكن الدينية التي ما زالت قائمة في كردستان، وفقاً للدراسات الأثرية. وتتضمّن الاحتفالات الدينية بعيد الجماعة (جه ما)، فضلاً عن زيارة لالش، طقس القربان عبر ذبح ثور في هذا المعبد، وهو الأقدم بين معابد الطائفة. وخلال الأيام الستة للعيد، يزور أبناء الطائفة قبر الشيخ عدي ومزارات الأولياء والصالحين إلى جانب المعبد الذي يجب على المؤمنين خلع أحذيتهم عند دخوله. وعلى مدخل المعبد الواقع في منحدر جبلي، حُفرت كلمتا «ملكا طاووس»، وهما ترمزان الى رئيس الملائكة. ويرفض اليزيديون لفظ كلمة الشيطان لأنها مقدّسة، «فهو رئيس الملائكة»، لكنهم يؤمنون بالله. ويتناول اليزيديون، خلافاً عن المسلمين، لحم الخنزير لكن يمنع عليهم أكل الخس.
وينقسم اليزيديون، الذين يرفضون قبول أتباع جدد في طائفتهم، إلى ست طبقات: الأمير والشيخ والسناتور والوعّاظ والنسّاك والمؤمنين الذين يمثّلون حوالى 70 في المئة من أبناء الطائفة. كما أن الزواج بين أفراد هذه الطبقات ممنوع كلياً. ويتزعّم الطائفة اليوم، الأمير بابا شيخ، الذي يترأّس المجلس الروحاني المكلَّف إدارة شؤون الجماعة. وللطائفة مقعد واحد في البرلمان العراقي الحالي على لائحة التحالف الكردستاني، بينما كان لديها ثلاثة مقاعد في الجمعية الوطنية التي أنشئت بعد سقوط نظام صدام في 2003. كما يمثّل الطائفة نائبان في برلمان إقليم كردستان.
وبعد التفجيرات التي وصفت بأنها إبادة جماعية، تسود أبناء الطائفة اليوم أجواء خوف من وجود نيات لإبادتهم، وطالبت أحزابهم وجمعياتهم ووجهاؤهم بالمساعدة ممّا سمّوه «مشروع قتلهم جميعاً لأنهم غير مسلمين».
(أ ف ب، رويترز)