رام الله ــ سامي سعيد
إسرائيل تستغلّ الانقسام الفلسطيني لانتزاع «اتفاق إطار» يُسقط «الحقوق»


رغم التفاؤل الذي يبديه الفلسطينيون وينأى الإسرائيليون عنه في سياق الحديث المتكرر عن قرب إيجاد أفق سياسي يُرضي الطرفين الفلسطيني والعربي من جهة والإسرائيلي من جهة أخرى، فإن شخصيات مقربة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس رأت أن الحديث عن الأفق السياسي المرضي لن يكون قريباً، في ظل الإعداد لاتفاق إطار يسبق مؤتمر السلام الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش.
وشدّد مقربون من عباس لـ«الأخبار» على أن الفجوة لا تزال واسعة جداً بين موقف الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وأشاروا إلى أن هناك خلافاً بين الجانبين على تفسير مناقشة قضايا الحل النهائي التي أبدى الطرفان استعداداً للبدء فيها خلال التصريحات التي صدرت بعد اللقاء الأخير.
وقال المسؤولون الفلسطينيون، الذين اشترطوا ألا تُذكر أسماؤهم، إن «الجانب الإسرائيلي يريد الاكتفاء بالوصول إلى اتفاق على دولة فلسطينية ذات حدود وعاصمة وتواصل من دون أي تفاصيل لهذه القضايا التي ستترك للاتفاق عليها بعد إعلان الدولة»، فيما يدعو الجانب الفلسطيني إلى مناقشة التفاصيل جميعها قبل البدء في أي أحاديث أو تفاصيل أخرى باعتبارها إنجازاً مهماً قبل الخروج باتفاق للشارع الفلسطيني والعربي.
وأشار المسؤولون إلى أن «إسرائيل تستغل بوضوح وجلاء الخلاف الكبير القائم بين أبو مازن وحركة «حماس» في التسويق لحلول ضعيفة جداً لم يقبلها الفلسطينيون من قبل، لكن في ظلّ واقع الخلاف الحالي، فإن أبو مازن يرضى بكل شيء من أجل أن يظهر بمظهر صاحب الإنجازات، حتى لو كان على حساب القضية الفلسطينية والحقوق والثوابت الوطنية».
وأوضح المسؤولون أن «عباس أبلغ مسؤولين أميركيين وعرباً، بعد لقائه الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في أريحا، أن إيهود أولمرت يراوغ ولا يعطي الفلسطينيين شيئاً على أرض الواقع؛ فبناء الجدار مستمر والاعتقالات والاغتيالات في الضفة لم تتوقف والأسرى في ازدياد متواصل ولا أمل في إزالة الحواجز المنتشرة هناك».
وأكد المسؤولون أن «قضية حق العودة مثّلت معضلة أساسية خلال لقاءات عباس وأولمرت الأخيرة السرية والعلنية، وأنها أفسدت الأجواء الودية التي كانت تصاحب مثل هذه اللقاءات بإصرار أبو مازن على أن ضرورة أن يكون الحل عادلاً للفلسطينيين».
وقال النائب في المجلس التشريعي عن حركة فتح عبد الله عبد الله إن «عباس لن يرضى إلا باتفاق شامل ينهي كل القضايا العالقة»، لكنه رأى أن أبو مازن «لديه من المرونة ما يجعله يتمكّن من التوصل إلى حلول إبداعية للمشاكل العالقة الكبرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين مثل القدس واللاجئين».
وجدد عبد الله رفض «فتح» لأي اتفاق مبادئ جديد مع الإسرائيليين، مشدّداً على أن عباس لن ينزلق فيه بأي حال من الأحوال لأن اتفاقية أوسلو مثّلت درساً عظيماً للمفاوض الفلسطيني الذي تعلّم أن إسرائيل ستحوّل اتفاق الإطار إلى اتفاق شبه دائم، وأنه مستعد لأن يوقف المفاوضات في أي وقت ليعطل الوصول إلى حل نهائي يضع مسؤوليات عليه وبالتالي لا مجال لتكرار التجربة.
بدورها، رأت «حماس» أن عباس انحدر في مسار المفاوضات من دون أن يحصل على أي ضمانات بأنها ستؤدي إلى انسحاب إسرائيل من كل أراضي 67. وقال النائب عن «حماس» يحيى موسى، إن أي اتفاق مبادئ جديداً «سيضيّع سنوات طويلة في مفاوضات على جزيئات الحل».