القاهرة ــ الأخبار
أعلنت سلطات الأمن المصرية أمس أنّ مدير «مركز ابن خلدون» للدراسات سعد الدين إبراهيم ليس مطلوباً لديها، ولم تصدر ضدّه مذكرة توقيف حتى الآن. وجاء ذلك ردّاً على ما كتبه المعارض المصري في صحيفة «واشنطن بوست» قبل يومين عن تلقّيه تحذيرات من أصدقاء له في القاهرة تطالبه بعدم التفكير فى العودة حالياً إلى بلاده «خوفاً على حياته».
فقد قال إبراهيم، في المقال الذي نشرته الصحيفة الأميركيّة، إنّ سياسيّين ودبلوماسيّين في القاهرة «قالوا إنني سوف يُلقى القبض عليَّ أو ما هو أسوأ». وأضاف: «أسرتي قلقة، وهي تعرف أن السجون المصرية تضمّ حوالى 80 ألف معتقل سياسي، وأن هناك تجاهلاً معتاداً لحوادث الاختفاء».
ولفت ابراهيم إلى أنّه يخشى أنّ «هذه الإساءات (في مجال استعمال السلطة) ستنتشر إذا استمرّ حلفاء مصر وأصدقاؤها في الوقوف صامتين، بينما يقوم هذا النظام بقمع الإصلاحيين الديموقراطيين في البلاد»، وهو ما فُسّر في القاهرة على أنّه طلبٌ من إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش بربط مساعداتها السنوية لمصر بالتقدّم الذي تحقّقه في مجال الإصلاح السياسي وتعزيز حقوق الإنسان.
وفي المقال نفسه، اتّهم إبراهيم «كتيبة إعدام حكومية سرية» بقتل الصحافي المصري رضا هلال، الذي اختفى في ظروف غامضة قبل 4 سنوات، وتردّدت اتّهامات لجهات عديدة باختطافه أو قتله، إلّا أنّ هذه هي المرّة الأولى التي يُوجَّه فيه اتّهام مباشر لجهة حكومية مصرية بقتل هلال.
ويؤكّد الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة، في حديث لوكالة «رويترز»، أنّه «يمكن الآن استدعاء (إبراهيم) للتحقيق (بعد أن طلب فرض شروط على المساعدات الأميركية)، لأنّ هذه جريمة، وفقاً لقانون العقوبات»، حيث ينصّ القانون المصري، على معاقبة الأشخاص الذين يعمدون إلى الإضرار بالمركز الاقتصادي للبلاد.
وأشار أبو سعدة إلى أنّ مخاوف إبراهيم في ناحية استدعائه للتحقيق في القضيّة المذكورة صحيحة «إلّا أنّني لا أعتقد أن خوفه على حياته له ما يبرره، لأنّه لم يكن هناك نهج عام للاغتيال والاختطاف في مصر».
وعن رقم الـ80 ألف معتقل سياسي المثير للجدل الذي تحدّث عنه إبراهيم، لفت الحقوقي المصري إلى أنّ هذا الرقم ليس صحيحاً حالياً، موضحاً أنّ المتوسّط العام لعدد المعتقلين يتراوح بين 16 ألف معتقل و20 ألف معتقل في السنة، مشيراً إلى أنّه «في هذه الأيّام العدد أقل من 10 آلاف» معتقل.
ويعمل إبراهيم، الذي يحمل الجنسية الأميركية إلى جانب جنسيته المصرية، أستاذاً لعلم الاجتماع في الجامعة الأميركية في القاهرة ومديراً لـ «مركز ابن خلدون» للدراسات الإنمائية الذي أسّسه قبل حوالى 20 عاماً. وهو أيضاً ناشط بارز في حركة المطالبة بالإصلاح الديموقراطي في مصر.
ويُشار إلى أنّ محكمة أمن الدولة العليا المصريّة، التابعة لقانون الطوارئ المعمول به منذ 26 عاماً، حكمت على إبراهيم بالسجن لمدة 7 سنوات عام 2001 بعد محاكمته مع 27 من زملائه المعارضين، بينهم عاملون في مركز ابن خلدون، إلّا أنّ ضغوطاً أميركية وحقوقيّة أدّت إلى الإفراج عنهم، ثم قضت محكمة النقض، وهي أعلى محكمة مصرية، ببراءته ممّا نُسب إليه.