موسكو ــ حبيب فوعاني
بعد الدعوة التي وجّهها رئيس هيئة الأركان العامّة للقوات المسلّحة الروسية، الجنرال يوري بالويفسكي، إلى وفد وزارة الدفاع التشيكيّة في موسكو أوّل من أمس، والمتمثّلة بضرورة عدم اتخاذ قرار نشر الرادار الأميركي في إطار منظومة الدفاع الصاروخيّة في أوروبا الشرقيّة، قبل اتضاح نتيجة المشاورات في هذا الشأن، وانتظار الانتخابات الرئاسية الأميركية، أوضح قائد القوّات الجويّة الروسيّة الجنرال فلاديمير بوبوفكين أنّ «الدرع» المنوي نشرها في بولندا وتشيكيا، ستكون خطراً لا جدال فيه على روسيا.
وفي انتظار بدء المحادثات الأميركيّة ـــــ الروسيّة بشأن منظومة الصواريخ التي ستبدأ في العاصمة الآذريّة باكو الشهر المقبل، يبدو أنّ موسكو ستستمر في استعراض «مخاطر» مشروع واشنطن «الدفاعي» على أمنها القومي، حيث شكّك بوبوفكين في أن «تمرّ خطوط سير الصواريخ الكورية الشمالية والإيرانية (الممكن إطلاقها) فوق أراضي تشيكيا»، موضحاً أنه «إذا بلغ مدى الرصد النمطي للمحطة الأميركية مسافة 4 آلاف أو 4.5 آلاف كيلومتر، فسيتمكن الأميركيون من مراقبة عمليات إطلاق كل صواريخنا النووية الاستراتيجية في الشطر الأوروبي من البلاد، ومن قِطع أسطولنا الشمالي».
ويبدو أن براغ قد وافقت على الانتظار، على الأقلّ إلى نهاية العام الجاري، للبتّ في قبولها أو عدمه في القضيّة، حسبما أوضح رئيس الوفد التشيكي نائب وزير الدفاع مارتين بارتاك. وهو الموقف الذي أكّده تصريح الرئيس التشيكي فاتسلاف كلاوس، الذي أعرب عن استعداد بلاده للامتناع عن نشر عناصر المنظومة الأميركية، ودعا إلى «الأخذ في الاعتبار المعارضة الحقيقية» لهذا المشروع من جانب غالبية التشيكيين.
ورأت صحيفة «آر بي كا ديلي» الروسية القرار التشيكي «نصراً أوّلاً» للروس، وأنه «مهما كان الأمر، يمكن اعتباره الصدع الأوّل في الدرع الصاروخية الأميركية».
وفي حقيقة الأمر، تدرك براغ أنه في حال مجيء الديموقراطيين إلى السلطة في الولايات المتحدة، عقب الانتخابات الرئاسيّة العام المقبل، فعلى الأرجح سيُرجأ هذا المشروع. إضافة إلى ذلك، أصبحت «المسألة الصاروخية» موضعاً لخلاف حاد في السياسة الداخلية في البلاد، حيث تستخدم المعارضة اليسارية، وخصوصاً «الحزب الديموقراطي الاشتراكي» و«الحزب الشيوعي لتشيكيا ومورافيا»، بنشاط، استياء 75 في المئة من المواطنين من نصب الرادار الأميركي، في صراعها مع حكومة ميريك توبولانيك.
والحكومة التشيكية لا تستطيع تجاهل معارضة الديموقراطيين في الولايات المتحدة نفسها لمشروع إدارة الرئيس جورج بوش، بنشر الرادار والصواريخ الاعتراضية في أوروبا الشرقية. فهم يهدّدون بتعطيل اتخاذ قرار الموافقة على الميزانية العسكرية لعام 2008 إذا لم تُحذف منها البنود المتعلّقة بالمنظومة.
وفي السياق، يرى رئيس قسم نزع التسلّح وتسوية النزاعات في «معهد العلاقات الدولية والاقتصاد الدولي»، الروسي ألكسندر بيكايف، أنه «إذا لم توقّع تشيكيا مع إدارة بوش الاتفاق حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإن احتمال تراجع الديموقراطيين عن المشروع سيصبح أكبر»، وذكَّر بأنّ أوّل ما فعله الرئيس بيل كلينتون عندما جاء إلى البيت الأبيض عام 1993، كان إلغاء البرنامج الجمهوري بشأن مبادرة الدفاع الاستراتيجية أو ما يسمّى «حرب النجوم».
على صعيد آخر، وفي خطوة عُدّت أنها تهدف إلى كسر «احتكار» الاتّحاد الأوروبي، أكّدت موسكو أمس ترشيحها الحاكم السابق للمصرف المركزي التشيكي ورئيس الوزراء الانتقالي السابق، جوزيف توسوفيسكي، ليشغل منصب رئيس صندوق النقد الدولي، بعدما شغر الشهر الماضي إثر استقالة الإسباني رودريغو راتو.
وفيما قال توسوفيسكي، الذي يرأس حالياً «معهد الاستقرار المالي» في بازل، «يشرّفني أن يجري التفكير في شخصي» لشغل هذا المنصب، شدّد مسؤولون تشيكيون على أنّ من المرجّح أن تظلّ حكومة براغ ملتزمة ترشيح الاتحاد الأوروبي لوزير المال الفرنسي السابق دومينيك ستراوس، ولن تساند العرض الروسي.