بغداد ـ الأخبار
عــلّاوي يجــري اتصــالات يــوميّة مــع مسؤولــين أميركــيّين وقــد يــزور واشنــطن قــريباً

تسود الأوساط السياسية العراقية حالة تأهّب وتجاذب وترقُّب للمستجدّات المتوقّعة بعد الزلزال الذي سبّبته تصريحات أميركية في اليومين الأخيرين، أخرجت إلى العلن معلومات وتسريبات صحافية كثيرة سبق وتناقلتها تقارير عديدة، وتتمحور حول تلميحات أميركية عن «فشل» حكومة نوري المالكي، في ظلّ معلومات تؤكّد أنّ الوقت حان لاستبداله.
وبات شبه مؤكّد بالنسبة لدوائر القرار الأميركية والغربية والدولية ذات الصلة بالشأن العراقي أنّ العقبة الرئيسية أمام خطوة مماثلة، تبقى غياب البديل المناسب، بعد التجربة المرّة التي عانتها واشنطن، وخصوصاً مع رؤساء حكومات لم يستطيعوا تنفيذ الأجندة المحلية والإقليمية المطلوبة منهم، رغم الدعم والغطاء اللذين أمّنتهما لهم.
وفي مقابل ذلك، تسارع الأوساط الحكومية إلى تبديد هذا الانطباع، وتسعى إلى إظهار أنّ كلّ شيء يسير على ما يرام بالنسبة للحكومة الحالية، وتستدلّ على ذلك بتشكيل «جبهة المعتدلين» أخيراً، والاجتماعات الخماسية التي تنعقد باستمرار.
وفي هذا السياق، يندرج كلام ممثل رئيس الوزراء في اجتماعات «المجلس السياسي للأمن الوطني» النائب علي الأديب أمس من «أن الاجتماعات المستمرة للمجلس تدعو إلى التفاؤل بإمكان الخروج من الأزمات التي تمر بها البلاد قريباً».
غير أنّ رئيس «الكتلة الصدرية» في البرلمان، نصّار الربيعي، المشارك في اجتماعات المجلس السياسي، أكّد أنّ هذا التفاؤل ليس في محلّه، وأنّ مشاركة تيّاره في هذه الاجتماعات واكبها تقديم مشروع للقيادة الجماعية نظراً إلى فشل الحكومة الحالية. إلا أن الربيعي رأى أن الدعم الأميركي الذي أعاده الرئيس جورج بوش أمس إلى المالكي «مجرّد وهم لأنه دعم كاذب لا يبغي إلا تنفيذ مآرب الاحتلال».
كذلك، وبعد الالتباس الذي رافق مشاركة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي في الاجتماعات الخماسية الأسبوع الماضي، عاد الأخير ليؤكّد التزامه موقف «جبهة التوافق العراقية» من الحكومة الحالية، والداعي إلى تغييرها.
لكن الانطباعات المتفائلة من مقرّبين من الحكومة، لم تمنع شخصيات برلمانية عراقية مستقلة من التأكيد أنّ الإدارة الأميركية بدأت بخطوات حثيثة لإعداد تشكيلة حكومية عراقية جديدة، «تحت رعاية الأمم المتحدة»، على غرار الحكومة التي تمّ تشكيلها في حزيران 2004 برئاسة إياد علاوي.
وفي السياق، أفاد سياسيون عراقيون مقيمون في العاصمة الأردنية عمان بأن حكومة المالكي بدأت تعيش مراحلها الأخيرة، عقب التصريحات الأخيرة لبوش، موضحين أن تركه مسألة تغيير الحكومة للعراقيين «يُعدّ بمثابة سحب الثقة الأميركية من هذه الحكومة»، ومؤكّدين في الوقت نفسه بأن هناك تحرّكات لسحب البرلمان العراقي الثقة منها فور انتهاء عطلته الصيفية.
ونقلت مؤسّسة «اتجاهات حرة» عن شخصية برلمانية عراقية مستقلة تتّخذ من عمان مقراً لها ترجيحها أن تبدأ الإدارة قريباً بخطوات لإعداد حكومة عراقية جديدة، قد يُصار الإعلان عنها «تحت رعاية المنظمة الدولية».
وبحسب الشخصية نفسها التي تولّت منصباً وزارياً في الحكومة المذكورة، إضافة إلى كونها عضواً بارزاً في «قائمة الائتلاف الموحَّد»، فإن واشنطن تبحث في صيغة مُثلى لإيجاد حكومة تحظى بقبول عربي ودولي، متمثّلة بشخصيات تكنوقراط من عراقيي الداخل والخارج تتمتع بالكفاءة والنزاهة، والأهم من ذلك، «خارج نظام المحاصصة الطائفية والتمثيل النسبي لمكونات المجتمع، لأنّ هذه الصيغة أثبتت فشلها».
وبحسب المصادر نفسها، فإن مراحل إعداد هذه الحكومة ستبدأ مع بداية شهر أيلول المقبل، لكنّ إنجازها قد يمتدّ حتّى نهاية السنة الجارية.
وجاء في رسالة للمؤسسة، تلقّت «الأخبار» نسخة منها، أن رئيس ديوان رئاسة الجمهورية العراقية نصير العاني يؤكّد مشاطرة المجلس السياسي للأمن الوطني للانتقادات التي وجّهها أخيراً بوش إلى حكومة المالكي، وأنّ كلام السيناتور جون وارنر ورئيس لجنة القوات المسلّحة في الكونغرس كارل ليفين، الذي كان واضحاً جداً من ناحية الدعوة إلى «إطاحة المالكي»، جاء معبّراً عن رأي ومطالب قطاع واسع من الساسة في بغداد.
من جهة أخرى، قالت «حركة الوفاق الوطني» إن أمينها العام إياد علاوي، التقى خلال اليومين الماضيين عدداً من أعضاء الكونغرس في مقرّ إقامته في عمّان، وفي مقدمهم وارنر وليفين، بحضور حليف علاوي، عدنان الباجه جي.
كما أعلنت الحركة أنّ علاوي يجري يومياً عدداً من الاتصالات مع أبرز أعضاء الكونغرس هاتفياً، وأنّ هناك اتفاقاً كاملاً في وجهات النظر في شأن الأوضاع العراقية ومستقبلها، كاشفةً عن أنّ جزءاً من هذه الاتصالات حمل دعوة إلى علاوي لزيارة الولايات المتحدة قريباً.
ويظهر في المقابل رأي يعتبر أنّ المشكلة لا تكمن في شخص المالكي، بل في انعدام كفاءة وزرائه، وهو ما يتقاطع مع سيناريوهات يعتقد البعض أنها ستفضّل واشنطن تنفيذها، تقوم على الإبقاء على رئيس الوزراء الحالي، والدفع نحو تغيير واسع في تشكيلته الحكومية.
وأشار رئيس الجامعة المستنصرية تقي علي الموسوي، في حديث لوكالة «فرانس برس» أمس، إلى أن «رئيس الوزراء مكبّل اليدين» لأنه «لا يستطيع أن يتصرّف بشكل حرّ وبما يراه مناسباً، لان الحكومة فُرضت عليه فرضاً بسبب المحاصصة الحزبية».
وحتى النائب في الكتلة الكردية الحليفة للحكومة، محمود عثمان، أقرّ أمس بأن أداء الحكومة لم يكن ناجحاً، مستغرباً الانتقادات الأميركية التي صدرت «لأنّ هؤلاء (في إشارة إلى الأميركيين) كانوا يؤيّدونه منذ البداية».
كما لفت عثمان إلى أنه «ليس هناك من بديل واضح اليوم»، مضيفاً أن الاميركيين «يفكّرون ربما في علاوي أو (رئيس الحكومة السابق ابراهيم) الجعفري أو (نائب الرئيس) عادل عبد المهدي».

واشنطن تبحث في صيغة مُثلى لإيجاد حكومة تحظى بقبول عربي ودولي، متمثّلة بشخصيات تكنوقراط من عراقيي الداخل والخارج تتمتع بالكفاءة والنزاهة، والأهم من ذلك خارج نظام المحاصصة الطائفية والتمثيل النسبي لمكونات المجتمع، لأنّ هذه الصيغة أثبتت فشلها