strong>إحراق عشرات مكاتب «المجلس الأعلى» والمالكي يتّهم عناصر «صدّاميّة»
... وفي اليوم الرابع، توسّعت اشتباكات كربلاء، أمس، الى محافظات جنوب العراق ووسطه، بين القوى الأمنية وجيش المهدي، الذي أعلن زعيمه السيد مقتدى الصدر تجميده تنظيمياً لإعادة تأهيله في مدّة أقصاها ستّة أشهر، مع ما يتضمّن ذلك من وقف نهائي لأعماله العسكرية، وفي مقدمتها «النشاطات المسلّحة ضدّ الاحتلال».
وتخلّلت اشتباكات يوم أمس هجمات واسعة على مقارّ «المجلس الأعلى الإسلامي» بزعامة السيد عبد العزيز الحكيم، وشهدت تدخّل الطيران الأميركي الذي قصف تجمّعاً للتيار الصدري في بغداد في إطار مساندته للجيش العراقي.
وغداة زيارات قام بها كل من رئيس الحكومة نوري المالكي ومستشار الأمن القومي موفّق الربيعي إلى كربلاء، أعلن بيان عن رئاسة الوزراء أن الأوضاع في المدينة باتت تحت ‏السيطرة. وحمّل المالكي، في بيان وقعه بصفته «القائد الأعلى ‏للقوات المسلّحة»، مسؤولية الأعمال إلى «‏بقايا النظام الصدّامي المقبور»، متوعّداً «هذه العصابات الإرهابية بالجزاء المناسب».
وأعلنت مصادر أمنية أن «قوات العقرب» الحكومية الخاصّة «ألقت القبض على مجموعة تتحمّل مسؤولية الأحداث وتنتمي إلى جيش المهدي»، في وقت فجّر فيه مسلّحون مكاتب «المجلس الأعلى» في مناطق الحمزة والهاشمية وواسط والديوانية والقاسم والكوت والحلّة.
وفي خطوة مفاجئة تعكس حالة الفلتان التي سادت أخيراً في صفوف جيش المهدي، جمّد مقتدى الصدر عمل هذا التنظيم، الذي أسّسه وألحقه تنظيمياً بالتيار الصدري غداة الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003. وقال الصدر، في بيان أصدره من النجف وتلاه مساعده حازم الأعرجي، «رأينا من المصلحة تجميد جيش الإمام المهدي بلا استثناء لإعادة هيكليته بصورة تحفظ العنوان العقائدي لمدّة أقصاها ستة أشهر من تاريخ إصدار هذا القرار».
وأضاف الصدر «كما نعلن الحداد لمدّة ثلاثة أيام وإغلاق مكاتب الشهيد الصدر على ما جرى في كربلاء»، ناصحاً بالتحقيق في ما حدث على أن يكون «تحقيقاً عادلاً ومحايداً لكي لا تتكرر المأساة فالمحتل بيننا وفي بلادنا».
كما دعا البيان مناصري التيار إلى عدم التعرّض لمقارّ «المجلس الأعلى الإسلامي» وإلى «التعاون التام مع الأجهزة الأمنية، وأن يتبرّأوا من المتمردين الذي يبتغون إثارة الفتنة».
وقال المتحدّث باسم الصدر، الشيخ أحمد الشيباني، إن «تجميد جيش المهدي يعني وقف الهجمات ضد قوّات الاحتلال وأيّ جهة أخرى»، موضحاً أن «التجميد يهدف إلى إعادة هيكلية الجيش لفرز بعض العناصر التي تدّعي انتماءها إلى جيش المهدي» أي حلّه..
وكانت تقارير إعلامية قد أفادت خلال الأشهر الماضية أن الصدر مستاء من تصرفات مجموعات من جيش المهدي «خرجت عن السيطرة» وباتت تقوم بأعمال لا يرضى عنها بينها تصفيات وتهجير لعائلات سنية من مناطق شيعية، ما دفعه إلى تشكيل محاكم مهمتها معاقبة هذه العناصر. ومعروف أن جيش المهدي ليس تنظيماً عسكرياً بالمعنى الكلاسيكي للكلمة بل حالة شعبية تشكلت في إطارها مجموعات مسلحة، لا رابط بينها سوى إعلانها ولاءها لمقتدى الصدر.
وفي السياق، أمر المالكي بتغيير قائد عمليات كربلاء، اللواء الركن صالح خزعل، وبفصل «عدد من الضباط المقصّرين في أداء الواجب»، وتكليف الجيش العراقي وطيران القوة الجوية بتولي مسؤولية حماية العتبات الدينية.
أمّا الربيعي، فرأى أن سبب وقوع أحداث كربلاء، التي أدّت إلى سقوط 52 قتيلا وأكثر من 300 جريح من الزوار الشيعة، هو نتيجة «فشل في تنسيق الأجهزة الأمنية»، مشيراً إلى أن «كل الأصابع تشير إلى أن هناك عناصر صدّامية مرتبطة بخارج الحدود أرادت إما أن تسيطر على ضريح الإمام الحسين والعباس أو هدمه من أجل خلق أزمة سياسية لإسقاط الحكومة».
في هذا الوقت، قال نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي إن البرلمان العراقي لا يعتزم إجراء تصويت بالثقة على الحكومة الحالية، التي طالبها بالعمل «بجهد» على الحفاظ على غالبيتها البرلمانية. وتوقّع إقرار مسودة قانون النفط العراقي «بغالبية مريحة» عندما يجتمع مجلس النواب بعد انتهاء العطلة الصيفية في شهر أيلول المقبل.
وتعليقاً على ترشيح وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير له لخلافة المالكي على رأس حكومة جديدة، قال القيادي في «المجلس الأعلى» إن طموحاته لا تتجاوز منصب نائب الرئيس، مستدركاً كلامه بالإشارة إلى أنّ مصيره السياسي يحدّده البرلمان.
وأعرب عبد المهدي عن اعتقاده بألا يطرأ تغيير كبير على السياسة الأميركية في بلاده بعد صدور تقرير كروكر ـــــ بيترايوس بعد أقل من أسبوعين، لكنه توقّع سحباً تدريجياً لقوات الاحتلال «لأنّ القوات العراقية اكتسبت الخبرة وحصلت على ما يلزمها من سلاح لتولي الأمن».
أما نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي فقد أكّد أنّ خلافاته مع المالكي لا تزال «كبيرة»، مقلّلاً في الوقت نفسه من احتمالات انفصال «الحزب الإسلامي العراقي» عن «جبهة التوافق». وقال، في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني للحزب أمس، «أنا أتّخذ قراراتي بالشورى مع إخوتي داخل الحزب وجبهة التوافق العراقية»، في إشارة إلى مشاركته في توقيع «الاتفاق الخماسي»، الذي رأى أنه فرصة لمعالجة خلافات جذرية في مسائل وطنية». لكنّه شدد على أنّ الاتفاق لم يحسم الخلافات الموجودة بينه وبين المالكي، والتي وصفها بـ«الكبيرة للغاية».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
د ب أ، يو بي آي، رويترز)