strong>مع تكريس أميركا اللاتينيّة ليساريّتها الجذريّة وابتعادها في السياسة والاقتصاد عن واشنطن، تكتسب إيران فيها نفوذاً متعاظماً عبر اتفاقات الطاقة والتعاون. والوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، الذي يهدّد الجمهوريّة الإسلاميّة، يقابله سعي طهران لإثبات مقولة «نحن أيضاً يمكننا العمل في المناطق المجاورة لكم»
خطاب الودّ الذي يوجّهه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى «حلفائه» في الجزء اللاتيني من القارّة الأميركية، والذي يصبو في طيّاته إلى مواجهة جهود واشنطن لعزل حكومته، تتماشى معه رؤية الزعماء اليساريّين من كوبا إلى الإكوادور، الذين يتعاطفون مع الأسلوب الخطابي المناهض للولايات المتحدة الذي يتبنّاه الرئيس الفنزويلّي هوغو تشافيز. هذه الرؤية تتجسّد اتّفاقات تتعلّق بالطاقة والتجارة والاستثمار مع إيران.
فقد وقّعت كاراكاس وطهران حتّى الآن عشرات الاتفاقات، من إقامة مصانع سيارات وشاحنات إلى اتفاقات تمكّن الجانب الإيراني من العمل في حقول النفط الفنزويليّة، في إطار تعاوني وصفه تشافيز خلال زيارته إلى إيران الشهر الماضي بأنّه سيمكّن «البلدين معاً من هزيمة إمبريالية أميركا الشمالية».
والإكوادور، التي أثارت القلق في حيّ المال والأعمال في نيويورك «وول ستريت» بتهديداتها بالتوقف عن سداد جزء من ديونها الخارجية، أبرمت اتفاقاً الشهر الماضي لتعزيز الاستثمارات والتبادل التجاري مع إيران. أما رئيس نيكاراغوا، دانييل أورتيغا، الذي قاد حكومة ماركسية وقت الحرب الأهلية في ثمانينيّات القرن الماضي وعاد إلى السلطة هذا العام، فقد حصل على استثمارات إيرانية في مشروع ميناء بتكلفة 350 مليون دولار، ومحطة لتوليد الكهرباء بطاقة المياه للحدّ من انقطاع الكهرباء، بتكلفة 120 مليون دولار.
وحصلت كوبا، الخاصرة الشيوعيّة للولايات المتّحدة، على استثمارات إيرانية في مشروعات للبنية الأساسية والإنشاءات، وتفاوضت على عقود لتوريد تكنولوجيا طبية إلى إيران.
كما امتدّت الأعمال الإيرانية إلى خارج التكتل الذي يقوده تشافيز. فقد شجّع رئيس البرازيل، اليساري المعتدل، لويس إيغناسيو لولا دا سيلفا، التجارة مع إيران، كما شجّع أنشطة شركة النفط الحكومية «بتروبراس» في أعمال التنقيب عن النفط هناك، إلا أنه تجنّب أيّ ارتباط سياسي علني، وحظرت حكومته نقل المعدّات والتكنولوجيا النووية إلى الجمهورية الإسلامية.
ويرى الباحث من برنامج «دراسات أميركا اللاتينية» في جامعة «جونز هوبكينز»، ريوردان رويت، أنّ «عدم وجود سياسة أميركية متماسكة تجاه أميركا اللاتينية، يتيح الفرصة أمام الإيرانيين للدخول وملء الفراغ»، فيما يشير خبير الشؤون الإيرانية لدى «مركز التحليلات البحرية» في فرجينيا، بيل سامي، إلى أنّ طهران تحاول تحقيق توازن مع الولايات المتحدة عن طريق توزيع نفوذها السياسي جغرافياً. ويقول: «مع وجود القوات الأميركيّة في الخليج الفارسي، فإنّ الإيرانيّين يحاولون أن يقولوا: يمكننا كذلك العمل في المناطق المجاورة لكم».
(رويترز)