رام الله ــ سامي سعيد
بدأ نجم القيادي «الفتحاوي» والمسؤول الأمني السابق محمد دحلان في الأفول، بعدما سقط «نجم غزة» القوي وتياره، الذي بقي لسنوات مسيطراً على الكثير من القرارات في حركة «فتح».
وزاد تلاشي التيار، الذي دعمته إسرائيل وأميركا وأمدته بالمال والسلاح، مع إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً بحل مجلس الأمن القومي وإعفاء رشيد أبو شباك، الذراع الأيمن لدحلان، في منصبه مديراً للأمن الداخلي، وهو المنصب الذي كان يتحكم تيار دحلان من خلاله بغالبية الأجهزة الأمنية، والذي تقول «حماس» إنه المسبب الأساسي للاقتتال الداخلي.
ولم تخف مصادر رفيعة في «فتح»، تحدثت إليها «الأخبار»، عن وجود ارتياح «فتحاوي» في الضفة والقطاع لهذه القرارات التي طالما طالبت بها حركة «حماس»، قبل وصولها إلى مرحلة الحسم العسكري، من دون أن تجد أي تجاوب من أبو مازن، الذي كان يظهر كالعاجز عن اتخاذ أي إجراء ضد هذا التيار، حتى لو كان قبل استقالة أبو شباك التي قدمها أواخر الشهر الماضي، حيث أصبحت هناك قناعة واضحة داخل «فتح» بأنه من دون الإجهاز على ما بقي من تيار دحلان فلا أمل في إنقاذ حركة «فتح» وتعافيها من جديد.
وقالت المصادر «الفتحاوية» إن دحلان استقبل من قيادات «فتح» في الضفة الغربية، بعدما وصل إليها قادماً من القاهرة، بفتور شديد وبرغبة كبيرة في تحميله المسؤولية عما حدث من انهيار تام للأجهزة الأمنية في قطاع غزة، وهو ما اضطره إلى مغادرة رام الله والإقامة في مدينة أريحا استعداداً لمغادرة كل المناطق الفلسطينية لفترة طويلة بدعوى العلاج، وسط حملة مطالبة «فتحاوية» بمحاكمته، تلقى تشجيعاً كبيراً من غريمه اللدود جبريل الرجوب، الذي عاد ليحتل وضعه السابق مشرفاً على أجهزة الأمن الفلسطينية بتكليف مباشر من عباس، بعد سنين من التهميش.
وأضافت المصادر أن «عهد ما بعد دحلان بدأ في التبلور داخل حركة فتح من خلال عقد مصالحات بين تيار عرفات القديم وبعض الرموز في تيار أبو مازن، الذين تبرأوا من المسؤولية عما حدث في قطاع غزة من هزيمة منكرة للأجهزة الأمنية وإحباط لم يحدث من قبل لكوادر حركة فتح، وقد تبلورت هذه المصالحة من خلال إعادة الصلاحيات إلى أحمد حلس (أبو ماهر)، أمين سر حركة فتح في قطاع غزة، بعد فترة طويلة من سحبها منه، وإصرار عباس على أن تتخذ اللجنة التي شكلها برئاسة الطيب عبد الرحيم لبحث أسباب الانهيار إجراءات صارمة ضد كل رموز تيار دحلان الذين فروا من القطاع قبل المعركة مع «حماس» وأثناءها تاركين أفراد الأجهزة الأمنية بلا أي قيادة أمنية أو سياسية».
وانعكست هذه الإجراءات على محاولات إحياء حركة «فتح» في قطاع غزة من جديد، حيث عبّر العديد من القيادات السابقة في الحركة، ممن التزموا منازلهم منذ وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، عن رغبتهم في العمل من جديد على إحياء حركة «فتح»، وفي مقدمتهم أحمد نصر، العضو السابق في المجلس التشريعي، وسليم الزريعي أحد القادة التاريخيين لحركة «فتح».
وشجع اختفاء تيار دحلان من غزة العشرات من كوادر الحركة، الذين جمدوا عضويتهم فيها، على التفكير في العودة من جديد إلى أحضان الحركة الأم.
وقال أبو سامر حمد، من القيادات الميدانية لـ«فتح» في القطاع، لـ«الأخبار»: «نشكر حركة حماس على ما قدمته لنا، الآن فقط أستطيع أن أقول إنني ابن حركة فتح بعد سنوات من هروبي من هذا التوصيف الذي كان يرتبط بمجموعة من القتلة، اليوم نستطيع أن نبني حركة فتح من جديد وأن نمد يدنا لكل مخلص في الحركة يملك الهدف نفسه».
وطالب أبو سامر قيادة «فتح» بأن «تعيد حساباتها وأن تدرس الآن وجدياً فكرة ترميم الحركة وطرد الفاسدين والمرتزقة من الحركة وتنقيتها من كل الشوائب لتواصل مشروعها الوطني الذي يشهد له الكثير».
وذكرت مصادر مطلعة أن دحلان زار عمان أخيراً، بطلب شخصي منه، لتوضيح موقفه من الأحداث لدى عدد من الجهات الرسمية. وقالت إن «دحلان لم يسمع كلاماً يعجبه، بل إن لوماً كبيراً سمعه واستهانة واضحة بدوره، حيث قيل له إنه لم يستطع فعل شيء وهو في غزة في معقله وبين رجالاته فكيف يريد الآن التنسيق لفعل أي شيء».
وأشارت المصادر أيضاً إلى أن «دحلان آثر الابتعاد عن الأضواء والانزواء في الصفوف الخلفية في جلسات المجلس المركزي الذي عقدت أخيراً في رام الله، وعندما كان يهم بالجلوس، شاهد جبريل الرجوب فاحمر وجهه وارتبك». وأشارت إلى «أن الرجوب نظر إليه نظرة قاسية ووبخه ولم يتحدث دحلان بأية كلمة».
ويتوارى دحلان عن الأنظار هذه الأيام ولا يظهر علنياً ويحاول أن يظهر ابتسامة كبيرة عند ملاقاته للصحافيين.