العراق ــ الاخبار
بات تغيير الحكومة العراقية بعد فقدانها 12 من أعضائها، أمراً محتّماً. فقد أكّدت مصادر مقرَّبة من الحكومة العراقية أنّ السفارة الأميركية في بغداد، ستطلب من رئيس الوزراء نوري المالكي العمل على إعادة تأليف حكومته، بحيث يبقى هو على رأسها، مع الاعتماد على وزراء «تكنوقراط»، وهو ما نال الرضى والقبول من معظم تشكيلات الطيف العراقي، شيعةً، وأكراداً وسنّة

لم تلقَ مناشدات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لإقناع وزراء «جبهة التوافق العراقية» بالعدول عن قرارهم مقاطعة الحكومة آذاناً صاغية، فيما كثُرت اللقاءات السياسية بينه وبين الكتل السنية النيابية، وسط مؤشّرات أصبحت مؤكّدة إلى قرب حصول التغيير الحكومي، وفي خضمّ جدال لم تبرد نبرته بعد، على خلفية تعيين بديل عن رئيس البرلمان المُقال، محمود المشهداني.
وكشف النائب عن كتلة «الائتلاف العراقي الموحّد»، التي ينضوي تحت لوائها المالكي، كمال الساعدي أمس أن رئيس الوزراء يريد إعادة النظر في التشكيلة الحكومية بمجملها وبسرعة، في الوقت الذي جرى فيه أول لقاء مباشر منذ فترة طويلة بين المالكي ورئيس «الجبهة العراقية للحوار الوطني» صالح المطلك.
وقال الساعدي «إن المالكي يريد أن تكون التشكيلة الحكومية الجديدة مرتكزة على وزراء تكنوقراط، إضافةً إلى نيّته تقليص عدد الوزارات، وكل ذلك لتحسين الأداء الحكومي وجعل أي تقصير عرضة للمحاسبة المسؤولة».
وأشار الساعدي إلى «أن بعض الوزراء لا يستجيبون لتوجيهات المالكي بل لأوامر كتلهم»، مبرّراً التقصير الحكومي في جميع الميادين «بالوضع الأمني السيئ من جهة، وبتناقض بعض القوى السياسية في مواقفها، وتورّط بعض السياسيين في أعمال ضد الحكومة».
ووصف الساعدي «موجة» تعليق العضوية التي تعتمدها العديد من الكتل النيابية في البرلمان والحكومة في الفترة الأخيرة، بأنه «خرق للدستور»، بما أنه، وبحسب القانون الأساسي للبلاد، «ليس هناك شيء اسمه تعليق العضوية، فإما مشاركة أو استقالة»، مشيراً إلى أن «مجلس النواب سيشرّع قانوناً بهذا الخصوص قريباً».
وفي السياق نفسه، شدّد عضو مجلس النواب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان على قرب موعد «تأليف حكومة جديدة برئاسة نوري المالكي، تضم وزراء جدداً من التكنوقراط الأكفّاء»، على الرغم من أن هذه المقترحات لم تُطرح بشكل رسمي بعد. وطمأن عثمان إلى أن الجبهة الجديدة التي تضم الحزبين الرئيسيين في التحالف الكردستاني و«المجلس الأعلى للعراق» وحزب «الدعوة»، ستكون أبوابها مفتوحة أمام جميع التكتلات والجبهات السياسية لتفعيل العمل الحكومي وتجاوز المحاصصة.
كما أيّد المرشد الروحي لـ«حزب الفضيلة الإسلامي» (الشيعي)، آية الله الشيخ محمد اليعقوبي، إجراء تغيير حكومي شامل في العراق.
وفي سياق متّصل، أشار موقع «الملف» الإلكتروني، القريب من حزب «الدعوة»، الى أن هناك تسريبات من السفارة الأميركية في بغداد عن نية الإدارة الأميركية إبلاغ الحكومة العراقية أن تتحوّل الى «حكومة تصريف أعمال»، ريثما يصار إلى اتفاقات جديدة بين الكتل الأساسية، وذلك بعد تراكم أزمات حادّة، آخرها انسحاب «جبهة التوافق» من الحكومة على خلفية اتهام وزير الثقافة أسعد الهاشمي بالتورط في التحريض على اغتيال نجلي النائب مثال الالوسي، الداعي إلى التطبيع مع إسرائيل.
وذكرت المعلومات أنّ الأميركيين اتخذوا قرارهم بسبب ما يصفونه بـ «تلكؤ حكومة المالكي في حسم قضايا مهمة وأساسية»، وهو ما أنتج الفراغ الكبير في الوزارات (12 وزارة ومنصب نائب رئيس الوزراء)، كما في رئاسة مجلس النواب. وتوقّعت المصادر أن يتمّ البت في هذه القضية خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكان المالكي قد دعا أول من أمس «جبهة التوافق» إلى إلغاء قرارها مقاطعة الحكومة و«الاحتكام الى القانون». ونقل بيان حكومي عنه اعتباره أن قضية الهاشمي «ليست مشكلة سياسية ولا مخالفة لما تمّ الاتفاق عليه في البرنامج السياسي للحكومة، إنما هي قضية قضائية بحتة تقع في دائرة الحق الشخصي» للنائب مثال الألوسي، واصفاً المقاطعة أو التعليق أو الانسحاب من الحكومة بالعنصر الذي يفاقم المشكلة، بدل أن يعالجها.
وخلال استقباله أمس رئيس وأعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كرّر المالكي عزم حكومته على إجراء انتخابات مجالس المحافظات قبل نهاية العام الجاري، ورأى أنّ التمكّن من تنظيم تلك الانتخابات، «سيمثّل أبرز معالم انتصار العراق وشعبه، وهو مثار فخرنا أمام العالم».
ووصف رئيس «الجبهة العراقية للحوار الوطني» صالح المطلك لقاءه مع المالكي أمس بأنه «إيجابي وبنّاء». وقال، للصحافيين بعد الاجتماع في المنطقة الخضراء أمس، إنّ البحث تركّز على ضرورة تأليف حكومة وحدة وطنية جديدة تضم كل مكوّنات الشعب العراقي»، كاشفاً عن عرض قدّمه المالكي إلى «الحوار» للانضمام إلى الحكومة الجديدة المرتقبة.
وأوضح المطلك أنه عبّر للمالكي عن عدم ندمه على مقاطعة الحكومة الحالية، «لكونها بُنيت على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية»، مشترطاً عدم اعتماد معيار الطائفية والعرقية للمشاركة في التشكيلة الجديدة.
ومنذ يوم أمس، باتت «جبهة التوافق العراقية»، التي خرجت من الحكومة والبرلمان، تعدّ 43 نائباً، بعدما أعلن نائبها، عبد الناصر الجنابي، انسحابه و«براءته» من مجلس النواب و«الجبهة» معاً، كاشفاً عن انضمامه الى المقاومة المسلّحة ضدّ الاحتلال. وقال، في تصريح صحافي أمس، «إن بقاءنا في مجلس النواب أصبح عاملاً مساعداً للاحتلال»، معتبراً أنّ «حمل السلاح لطرد المحتل هو الواجب الشرعي والوطني في هذه المرحلة».
إلى ذلك، تواصل الجدل في شأن تعيين رئيس مجلس نواب بديل عن محمود المشهداني، إذ أعلنت كتلة «الائتلاف العراقي الموحّد»، رفضها المسبَق لما أُشيع عن احتمال اختيار رئيس «مؤتمر أهل العراق»، عدنان الدليمي، أو رئيس «مجلس الحوار الوطني» خلف العليان (المنضويين في «جبهة التوافق العراقية»)، لرئاسة البرلمان.
وجاء قرار «الائتلاف» على لسان النائب جلال الدين الصغير، الذي جزم بأن كتلته لن تقبل بشخصيات «غير مؤهلة مثل العليان والدليمي لرئاسة مجلس النواب». أما زميله في «الائتلاف»، حسن السنيد، فأوضح أن كتلته ترغب في أن يتولّى هذا المنصب، النائب أسامة التكريتي أو النائب إياد السامرائي، وهما نائبان عن «الحزب الإسلامي».