رام الله ــ الأخبار
لم يمض أكثر من 24 ساعة على إعلان «اتفاق المطلوبين» الذي خصّ الجناح العسكري لحركة «فتح»، حتى بدأ مقاومو «كتائب شهداء الأقصى» بتسليم أسلحتهم في الضفة الغربية، التزاماً بقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، الذي طلب عقد جلسة للمجلس التشريعي للمصادقة على حكومته، في وقت أقرّ فيه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل بارتكاب أخطاء في غزة، في مقابل تشديد رئيس الحكومة المقال إسماعيل هنية على أن حركته فعلت الصواب.
وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن نشطاء مطاردين في «كتائب شهداء الأقصى»، التابعة لحركة «فتح»، سلموا أمس أسلحتهم لأجهزة الأمن في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية وبدأوا الانخراط في هذه الأجهزة تمهيداً لضمهم رسمياً إليها لإنهاء مطاردتهم بشكل كامل.
وأوضحت المصادر أن العناصر الباقية التي لم تسلم أسلحتها ستفعل ذلك بعد اعتماد أسمائها رسمياً في قائمة العفو الإسرائيلية، التي من المنتظر أن توزعها السلطة رسمياً خلال الأيام المقبلة على المطاردين المشمولين بالعفو.
وفي اعقاب اجتماع حكومة تسيير الأعمال في الضفة الغربية، أكد وزير الإعلام رياض المالكي أن «هناك عدداً كبيراً من المطلوبين سلموا أسلحتهم»، مضيفاً أن «من لم يلتزموا سيكونون خارج القانون وستلاحقهم الأجهزة الأمنية، ونحن نعمل في إطار خطة فلسطينية، لا إسرائيلية والضمان هو تنفيذ مشروع فلسطيني على الأرض وبسط سيادة القانون».
وأضاف المالكي: «تعهد المطاردين والتوقيع هو دعم للسلطة الفلسطينية وتدعيم للمشروع الوطني ونتوقع خطوات لاحقة، ونحن نريد الاستفادة من عملية البناء التي تمت في تقوية موقعنا في جوانب الخطة الحكومية المختلفة».
وكشف المالكي عن قيام وزير الداخلية الفلسطيني عبد الرزاق اليحيى باتصالات مع القوى كافة بما فيها حركة الجهاد الإسلامي بهدف معالجة الموضوع بالطريقة نفسها التي عولج فيها موضوع «كتائب الأقصى». إلا أنه أوضح أنه لا اتصالات مع «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس». وأضاف: «هم لم يتصلوا بنا وعندما يتصلون ويسلمون أسلحتهم وأنفسهم للأمن ستتم معاملتهم معاملة الآخرين نفسها».
ووصف المالكي ما يحدث في قطاع غزة بأنه «حكومة الظواهري بكل ما تمثله من معنى»، في إشارة إلى الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
وفي السياق، أعلنت «كتائب الشهيد أبو على مصطفى»، الجناح العسكري لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، أمس رفضها الشديد لتسليم أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية. وقالت، في بيان، «إنها لن تسلم سلاحها ولن توقف مقاومتها ما دام هناك احتلال على الأرض الفلسطينية».
في هذا الوقت، طلب رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف سلام فياض أمس من رئيس المجلس التشريعي بالإنابة أحمد بحر، عقد جلسة خاصة للمجلس للتصويت على الثقة بحكومته التي كلفه عباس تأليفها. إلا أن من المرجح أن تقاطع «حماس» جلسة المجلس لتمنع حصول نصاب قانوني، ما يتعذر معه إجراء تصويت على الحكومة. وفى حالة حدوث ذلك، فإن حكومة فياض ستواصل العمل كحكومة مؤقتة لفترة غير محددة.
وفي مقابلة مع صحيفة «هآرتس» تنشر اليوم، قال فياض إن حل قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين يجب أن تكون بالاتفاق مع إسرائيل. وأضاف أن «منظمة التحرير الفلسطينية هي الجسم الذي يمثل الفلسطينيين في عملية سياسية، وقد تبنى مبادرة السلام العربية التي تنص على أن حل قضية اللاجئين يجب أن يكون عادلاً ومتفقاً عليه».
في المقابل، تمسّك رئيس الوزراء الفلسطيني المقال إسماعيل هنية بسيطرة «حماس» على قطاع غزة، مشيراً إلى أن حكومته مسؤولة عن إطعام نحو مليون ونصف المليون فلسطيني في القطاع.
وقال هنية، لوكالة «رويترز»: «اليوم هناك حصار أكثر إحكاماً. لماذا الحصار على قطاع غزة؟ هل لأننا نريد وقف الفوضى والفلتان الأمني؟ نحن بالتأكيد لن نرهن المواقف السياسية مقابل الغذاء. الغذاء وحقوق الإنسان يجب ألا تكون خاضعة للابتزاز السياسي ويجب ألا تكون مقابل شروط سياسية».
وأصر هنية على أن حركته كانت مصيبة في إطاحة قوات «فتح»، التي حمّلها مسؤولية الصراع وعدم الاستقرار في غزة. ورداً على سؤال عما إذا كان يشعر بالأسف لسيطرة «حماس» على قطاع غزة الشهر الماضي، قال هنية إن «قطاع غزة اليوم أكثر أمناً وأماناً. النتائج التي يعيشها الشعب الفلسطيني اليوم تؤكد أن الأزمة كانت بسبب مجموعة من قادة الأجهزة الأمنية التي رفضت الانصياع لإرادة الشعب الفلسطيني».
وفي الدوحة، حدّد خالد مشعل هدفين رئيسيين يمكن بحثهما في حالة العودة للحوار الفلسطيني. وقال إن «الحوار كما تراه حماس ينبغي أن يعالج قضيتين، هما الملف الأمني ومحاربة الفساد في الأجهزة الفلسطينية وإعادة هيكلتها حتى تعمل لمصلحة كل الفلسطينيين على أن تتبع للرئاسة (الفلسطينية)»، مشدداً على أن الأجهزة الأمنية «لن تسلم للفاسدين بل تسلم لأيدٍ وطنية متفق عليها». واعترف مشعل بأن «حماس» ارتكبت أخطاء وصفها بأنها «فرعية» خلال مواجهات غزة.