واشنطن ــ محمد سعيدالقاهرة ــ خالد محمود رمضان

لم يكد الرئيس الأميركي جورج بوش يطلق، أول من أمس، مبادرته لمؤتمر دولي للسلام، حتى أرفقها باتصالات تحضيرية، شملت قادة السعودية ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية، وإيفاد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى القاهرة للقاء وزراء خارجية الرباعية العربية


ذكرت مصادر دبلوماسية في القاهرة، أمس، أن هدف المؤتمر الدولي، الذي يريده جورج بوش، هو عزل «حماس» وتطبيع العلاقات بين جناح المعتدلين العرب من وجهة النظر الأميركية وبين إسرائيل.
وقالت المصادر، وهي على صلة بالتحضيرات الجارية، إن المؤتمر سيعقد في منتجع شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر في غياب سوريا، وبمشاركة قادة مصر والأردن والسعودية والمغرب والأردن والإمارات والبحرين، مشيرة إلى أن التصور الأميركي للمؤتمر يقوم على أساس عقد قمة عربية ـــــ إسرائيلية برعاية أميركية، ثم عقد سلسلة من الاجتماعات المصغرة بين إسرائيل وبعض الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لحلحلة عملية السلام المتعثرة في المنطقة.
وفي إطار الإعداد للمؤتمر، من المقرر أن يجتمع وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان كوندوليزا رايس وروبرت غيتس يوم الثلاثين من شهر تموز الجاري في شرم الشيخ مع عدد من وزراء الخارجية العرب، غداة مشاركتهم في اجتماعهم الوزاري في مقر الجامعة يوم التاسع والعشرين من الشهر نفسه.
وفي مؤتمر صحافي توضيحي لـ«مبادرة بوش»، قال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش إنه «سيكون من المهم للغاية تواجد دول لم تعترف حتى الآن بإسرائيل في الغرفة نفسها مع الإسرائيليين».
وعما إذا كانت دول مثل السعودية أبدت استعداداً للجلوس مع إسرائيل على الطاولة نفسها، قال ولش «إن لب المبادرة العربية هو الرغبة في الجلوس ومناقشة سلام شامل، وإن السؤال هو كيف يمكن الوصول إلى هذه النقطة». وأضاف: إن «هذا الأمر يتطلب بعض الجهد وإن الرئيس بوش وجّه رايس لكي تفعل ذلك، ولم نكن لنقحم أنفسنا في هذا المشروع لو لم نكن على ثقة من أن هناك رغبة في المنطقة للسير في هذا الطريق».
وعما إذا كانت سوريا ستدعى إلى هذا المؤتمر، قال ولش «إن الخطاب تحدّث عن إشراك الدول التي تتبنى حل الدولتين وتنبذ العنف والإرهاب وتعترف بوجود إسرائيل وتدرك أنه سيكون هناك ثمرة لهذا».
وقال ولش إن حديث بوش عن اتفاق متبادل يعكس الحدود السابقة والحقائق القائمة على الأرض وأن تكون التعديلات متفق عليها بينهما، لا يعني أي تعديل في خطاب الضمانات الذى منحه لرئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أرييل شارون في 14 نيسان 2004، الذي يعتبر ضمناً أن مستوطنة «معاليه أدوميم» ومناطق أخرى محيطة بالقدس المحتلة هي جزء من إسرائيل.
وكان بوش قد أرفق خطابه باتصال مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والملك الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي رحب بعقد المؤتمر دولي.
وفي الرياض، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الملك عبد الله شدد، خلال الاتصال مع بوش، على أن العرب تبنوا مبادرة شاملة تدعو إلى السلام مع إسرائيل في مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها منذ 1967.
إسرائيلياً، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت عن ارتياحه لتصريحات الرئيس الأميركي. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن أولمرت القول إن تصريحات بوش «تعكس رؤيا بعيدة المدى إلى جانب مواقف براغماتية».
إلا أن المتحدثة باسم أولمرت، ماري آيسن، استبعدت إجراء مفاوضات «في هذه المرحلة» حول حدود الدولة الفلسطينية. وقالت «أعلنت إسرائيل بوضوح أننا مستعدون لإجراء محادثات عن قضايا (الأفق السياسي) وعن كيفية تحقيق رؤية قيام دولتين للشعبين، لكننا كنا في غاية الوضوح بأننا غير مستعدين في هذه المرحلة لمناقشة القضايا المحورية الثلاث... الحدود واللاجئين والقدس».
وفي السياق، قال المنسّق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إن «الاتحاد يؤيد أيضاً دعوة بوش وسيستمر في العمل جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة في جهد منظم من أجل إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي». وأضاف: إن اللجنة الرباعية سيكون لديها دور رئيسي لتؤديه في مثل هذا التجمع.
وستلتقي الرباعية في لشبونة يوم غد، للمرة الأولى منذ تعيين رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير مبعوثاً لها إلى الشرق الأوسط. وقالت مصادر دبلوماسية إن بلير يعتزم القيام بأولى زياراته إلى إسرائيل والضفة الغربية المحتلة يوم الاثنين المقبل.
أما فرنسا فأعلنت أنها تدعم فكرة عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط شرط أن يركز على الوضع النهائي للأراضي الفلسطينية. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني إن هذا الموقف التقليدي لباريس ورد قبلاً في إعلان صدر في التاسع من تموز حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عن وزراء خارجية عشر دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي بمبادرة من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.
الثمن؟
وذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة، لـ«الأخبار» في واشنطن، أن الولايات المتحدة، القلقة من الأوضاع المتدهورة في العراق وتمسّك إيران ببرنامجها النووي، تسعى إلى الدعوة لاجتماع غير مسبوق في مصر أو الأردن في الأول أو الثاني من آب المقبل، يضم وزراء خارجية ودفاع عدد من الدول العربية الحليفة لواشنطن، مشيرة إلى أن صيغة الحضور قد تكون قريبة من «6 + 2»، أي دول الخليج إضافة إلى مصر والأردن، وربما تضاف بعض الدول الأخرى.
وبحسب المصادر نفسها، فإن دولاً عربية من التي تمت دعوتها إلى الاجتماع لديها تحفظات جوهرية عليه، بينها أنه لا يعطي أولوية لعملية التسوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ويعطي انطباعاً بتكوين جبهة عربية أميركية ضد إيران.