نيويورك ـــ الأخبار
وجّه المندوب السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أول من أمس رسالتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، للرد على تقرير المنظمة الدولية عن تطبيق القرار الدولي 1701. وفي ما يلي نص الرسالة:
«بناءً على تعليمات من حكومتي، أتشرف بأن أنقل إليكم موقف الجمهورية العربية السورية إزاء تقرير الأمين العام الرابع حول تنفيذ القرار 1701 (2006):
1ـــــ تطالب سوريا مجلس الأمن بتحمّل مسؤولياته واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه إسرائيل بسبب استمرارها بانتهاك القرار 1701 بشكل شبه يومي. وهذا الانتهاك موثّق رسمياً لدى الأمم المتحدة استناداً إلى تقارير اليونيفيل والرسائل التي وجهها لبنان إلى الأمم المتحدة، عدا عن أن إسرائيل لم تنكر هذه الانتهاكات، وإنما أكدت أنها ماضية بها في استهتار واضح بمتطلبات التزاماتها وفقاً للقرار 1701.
2ـــــ إن سوريا إذ تعيد التأكيد على عدم صحة الادعاءات والمزاعم الواردة في كل من تقرير (تيري رود) لارسن الأخير وإحاطته في مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1559، وكذلك المعلومات التي أوردها السيد الأمين العام في تقريره الدوري الأخير حول تطبيق القرار 1701 بخصوص ما سماه «انتهاكات لحظر السلاح»، فإنها تستغرب تبنّي الأمم المتحدة لهذه الادعاءات المفبركة المقدّمة لها أساساً من قبل مصادر الاستخبارات الإسرائيلية التي تقوم هي نفسها لاحقاً بتكرارها وتسويقها على أنها صادرة عن الأمين العام والأمم المتحدة، علماً بأن الأمين العام قد أشار في الفقرة (38) من تقريره بأن «الحكومة الإسرائيلية لم تقدّم أدلة محددة إضافية لدعم تلك المزاعم».
وفي هذا السياق فإن سوريا تريد أن تذكّر السيد الأمين العام والسادة أعضاء مجلس الأمن بحقيقة أن اتهام إسرائيل لسوريا بتهريب الأسلحة لا يعتد به أصلاً لأن إسرائيل هي دولة معادية لسوريا وتحتل جزءاً من أراضيها خلافاً للقانون الدولي ولعشرات القرارات ذات الصلة التي صدرت عن المجلس الموقر. وعلاوةً على ذلك، فإن ادعاءات إسرائيل أنها تمتلك أدلة، هو بحد ذاته دليل فاضح على انتهاكها للقرار 1701 نفسه، لأنها تعترف ضمناً بأنها تخرق المجال الجوي اللبناني قبالة الحدود السورية، الأمر الذي يمكّنها في هذه الحالة من تصوير أي شاحنة خضار أو بضائع ومن ثم تسويق هذه الصور على أنها صور لشاحنات تحمل أسلحة.
3ـــــ تشير الجمهورية العربية السورية، في هذا الصدد، إلى التصريحات التي أدلى بها كل من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اللبناني (إلياس المر)، وقائد الجيش اللبناني (العماد ميشال سليمان)، التي نفيا فيها قيام قيادة الجيش بنقل معلومات إلى الحكومة اللبنانية عن تهريب أسلحة إلى فصائل فلسطينية عبر الحدود السورية ـــــ اللبنانية، وهو التصريح الثاني الذي أدلى به وزير الدفاع الذي كان قد نفى سابقاً بشكل قطعي مرور «أي بعوضة عبر الحدود». وقد دعّم تقرير الفريق المستقل لمراقبة الحدود اللبنانية صحّة هذا الموقف عندما أورد في الفقرة (45) منه أنه: « ...... ولم تقدم السلطات اللبنانية تقارير عن مصادرة أسلحة أو ذخائر في أيٍّ من المعابر الحدودية الرسمية الأربعة مع سوريا منذ اتخاذ القرار 1701(2006)». وكذلك ما أورده في الفقرة(120) من أن «المصادرات كافة شملت تهريب سلع تقليدية كوقود الديزل والملابس والإسمنت والأغذية وغيرها. ولم تسجل أيّ مصادرة شملت أسلحة أو متفجرات. ورغم إجراء عدد صغير من مصادرات الأسلحة غير المشروعة، فإن أياً من هذه القضايا، على ما ذكرت أجهزة الأمن الحدودية، لم تحصل في إطار علاقة مباشرة بنشاط عبور للحدود، ولم يثبت أن أياً منها، حتى الآن، قد عبر الحدود السورية. وفي جميع القضايا التي وصلت إلى علم الفريق المستقل، زعم أن حركة الأسلحة هذه كانت داخلية بين مواقع مختلفة في لبنان».
4ـــــ تعرب الجمهورية العربية السورية عن استغرابها من وجود مفارقات في تقرير الأمين العام حول تنفيذ القرار 1701، حيث ينتقد التقرير (الفقرات14ـــــ16ـــــ56ـــــ58ـــــــــ64) استمرار إسرائيل، وذلك على مرأى ومسمع من قوات اليونيفيل، بانتهاكاتها شبه اليومية لسيادة لبنان التي بلغت في يوم واحد 32 انتهاكاً، لكنه مع ذلك يرحب (الفقرتين 56ـــــ62) بعبارات التقدير التي لاقاها، هو وغيره من موظفي الأمم المتحدة، «من جانب عدد من كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، واعترافهم بالحقائق الاستراتيجية الجديدة التي خلقها نشر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان». إلا أن أكثر ما يثير مشاعر الأسف هو عجز مجلس الأمن عن اتخاذ إجراء واحد يردع إسرائيل وينهي تطاولها واستفزازاتها ويضع حلاً لجذور الصراع في المنطقة وهو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.
5ـــــ توضح الجمهورية العربية السورية مجدداً أن الاتصالات الرفيعة المستوى بين الجانبين السوري واللبناني لضبط الحدود المشتركة بين البلدين لم تنقطع، مذكرة، في هذا الصدد، بأنه في الفترة من 6/12/2005 حتى 30/4/2007 قد جرى 12 اجتماعاً بين المسؤولين السوريين واللبنانيين المعنيين بضبط الحدود. وفي هذا السياق، نعرب عن الاستغراب ممّا ورد في الفقرة (48) من تقرير الأمين العام بأنه «لم يبلغ عن أي تحرك من جانب حكومة الجمهورية العربية السورية لإعادة تنشيط لجنة الحدود السورية ـــــ اللبنانية»، علماً بأننا كنا قد وافينا السيد الأمين العام والسيد رئيس مجلس الأمن بقائمة مفصلة عن هذه الاجتماعات، وسوف نستمر بتزويد الأمانة العامة ومجلس الأمن بالاجتماعات التي ستُعقد لاحقاً.
6ـــــ تعيد الجمهورية العربية السورية التأكيد على أن موضوع ترسيم الحدود هو شأن ثنائي يتعلق بسيادة الدول ويتم حله بين الحكومتين السورية واللبنانية.
7ـــــ تشير الجمهورية العربية السورية، في ما يخص مزارع شبعا، إلى أن تقرير السيد الأمين العام لم يكن حيادياً وموضوعياً وشمولياً في استنتاجه أن الموقف السوري من هذه المسألة يتعارض مع القرارين 1680 و1701 متجاهلاً أسباب الموقف السوري الذي نقلناه إليه حول هذه المسألة وهو استمرار احتلال إسرائيل للجولان السوري. ولقد أكد مجلس الأمن في الفقرة (18) من القرار 1701 على أهمية وضرورة تحقيق سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط استناداً لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
8 ـــــ تعيد الجمهورية العربية السورية التذكير بأنها قد قامت بمضاعفة عدد عناصر حرس الحدود على الجانب السوري وأنها ضبطت أسلحة جرى تهريبها من لبنان إلى سوريا ومن العراق إلى لبنان عن طريق سوريا. وقد قمنا بإعلام السيد الأمين العام والسيد رئيس مجلس الأمن بذلك في رسالتينا المتطابقتين رقم 169 تاريخ 4/5/2007 وكذلك في لقاء ثنائي بين المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية والسيد الأمين العام، وهو أمر أكده السيد الأمين العام في الفقرة (39) من تقريره. ونشير، في هذا الصدد، إلى أن سوريا قد طلبت من دول أوروبية تزويدها معدات تقنية لمساعدتها على مراقبة حدودها إلا أنها لم تتلق أي رد إيجابي من هذه الدول حتى الآن، وهو أمر أشار إليه أيضاً السيد الأمين العام في الفقرة المذكورة أعلاه.
9 ـــــ توضح الجمهورية العربية السورية أن الوجود الفلسطيني في لبنان تحكمه اتفاقات لبنانية ـــــ فلسطينية قديمة سابقة لاعتماد القرار 1701 ولا علاقة لسوريا بها، وأن تعبير «الحدود الخضراء» هو مصطلح مستنبط وغير متفق بشأنه بين سوريا ولبنان.
10ـــــ تعيد الجمهورية العربية السورية التأكيد على إدانتها القوية للعدوان الذي قامت به أطراف مشبوهة على القوة الإسبانية المشاركة في اليونيفيل.
11ـــــ تؤكّد الجمهورية العربية السورية على أهمية عدم تعامل مجلس الأمن، في معرض ولايته بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، مع مشاكل المنطقة بشكل انتقائي وعلى ضرورة تحقيق سلام شامل وعادل في الشرق الأوسط استناداً إلى جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمتها القرارات 242 (1967) و338 (1973) و497(1981) ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام.