القاهرة ــ الأخبار
الحدودي بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلّة إلى مسرح دراما لآلاف العالقين الفلسطينيين، في رحلة لا يعرف أحد متى تنتهي، لكنها تضيف مأساة جديدة إلى القائمة الفلسطينية الطويلة: اللاجئون وفلسطينيو 48 وأسرى وحرب الإخوة

العالقون بين مصر وفلسطين لا يزالون ينتظرون قراراً إسرائيلياً يسمح لهم بالعبور إلى غزة، ورحمة من جهة عامة تهتم بكوارث يسبّبها الإغلاق المتكرر، بينها الموت والتشرد والحياة البائسة.
السلطات المصرية تعلن أنها لا تتحمل أي مسؤولية عن استمرار هذه المعاناة وتحاول تهدئة الأوضاع المتفاقمة. ولأن الأزمة تفجرت في الصيف، فقد ازدادت تعقيداً بعدما طالب أصحاب الشاليهات في العريش من الفلسطيينين أن يغادروا أو يدفعوا القيمة التي يدفعها المصطافون المصريون. وحاولت الشرطة التعامل بحكمة مع أزمة المبيت، فكان الحل الوحيد تأجير مخازن حول المدينة الملتهبة أساساً بسبب القلق الأمني من عمليات إرهابية.
وأصبح الإحباط والخوف والعنف أحياناً الخبز اليومي لآلاف العالقين. وتصرخ أم محمد قائلة: «لقد أغلقت إسرائيل كل المنافذ إلى غزة. إنهم يتحكمون في كل شيء».
أما محمد فقال من جهته: «إننا ننام على الأرض ونتقاسم دورة مياه واحدة وليس هناك مكان لكي نستحم».
وفي العريش نفسها، تنام العائلات على أي قطعة أرض خضراء تجدها أو على شاطئ البحر، وبعضهم يحاول أن يبيع مقتنياته، سواء كانت حلياً ذهبية أو أجهزة هاتف محمول، لسكان المدينة المصريين حتى يتمكنوا من العيش.
ومن بين العالقين عند المعبر، فلسطيني يدعى أبو محمد اعتاد أن يأتي إلى مصر لشراء سجائر مصرية ليعيد بيعها في غزة. لكنه الآن لا يستطيع العودة، وقد أنفق الـ700 جنيه مصري التي كانت بحوزته واضطر إلى العمل في مقهى حتى يكسب ثمن استئجار غرفة وشراء قوته.
ويؤكد أبو أحمد أنه لن يمر أبداً من معبر كرم أبو سالم: «إنه فخ. لقد تخلصنا من الإسرائيليين قبل عامين». ويضيف: «لماذا أعود إلى الإسرائيليين الآن؟ ثم إننا آلاف هنا، وإذا مررنا من معبر كرم أبو سالم فسيعتقلون 10 في المئة أو 20 في المئة منا على الأقل».
ووضعت سيدة فلسطينية عالقة عند الحدود المصرية مع غزة أمس طفلة، هي الأولى التي تلد بين العالقين الفلسطينيين.
وكانت خولة الغلبان (24 عاماً) قادمة مع زوجها من رحلة علاجية في السعودية حيث تعالج من ورم سرطاني. وعند حضورها فوجئت بإغلاق معبر رفح مع غزة.
ويقول زهير أبو ملوح، الذي بترت إحدى ساقيه ويقيم مع 18 آخرين في حجرتين مليئتين بالحشرات في العريش: «لم تأت الأمم المتحدة للمساعدة أو أي وكالة معونة دولية أو جماعة الإخوان المسلمين. نقودنا تنفد. إلى أين سنذهب؟ سنضطر للخروج إلى الشارع».
وتقول ممثلة منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) في القاهرة، ايرما مانونكورت، إن «مصدر القلق الرئيسي هو استمرار هذا الوضع لفترة طويلة لأن الشخص قد يستطيع أن يوفر احتياجاته لبعض الوقت، لكن استمرار الوضع لأجل غير مسمى قد يبدأ في الضغط على كل تلك الموارد».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)