رام الله ــ سامي سعيد
ملّــوح يؤكّــد «شرعيــة» منظمــة التحريــر و«حمــاس» تحــذّر من «فــخ» و«الجهــاد» من «صــب الزيــت على النــار»


أطلقت إسرائيل أمس 255 أسيراً فلسطينياً، غالبيتهم من حركة «فتح»، «إكراماً» للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسط أنباء نفتها «حماس» تفيد أن بعض المفرج عنهم من أنصارها، والتي حذّرت من «الفخ الإسرائيلي».
وغادر 255 أسيراً فلسطينياً أمس معتقل عوفر الإسرائيلي، حيث كان عشرات الفلسطينيين ينتظرون المعتقلين، الذين بدأوا بمغادرة السجن فرادى وقاموا بتقبيل الأرض فرحاً بإطلاق سراحهم.
وكان من المفترض أن تضمّ قائمة المفرج عنهم 256 فلسطينياً، إلا أن سلطات الاحتلال تراجعت في اللحظة الأخيرة عن إطلاق الأسير محمود أحمد عوض شلاتوة (21عاماً) من قرية عابود قرب مدينة رام الله، الذي يحمل الرقم 48 ضمن قائمة من أطلق سراحهم.
وبين المفرج عنهم، نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عبد الرحيم ملّوح. وكانت كلماته الأولى «الحرية، الحرية، الحرية، لا شيء أجمل منها، ولا أحد يقدّرها سوى من فقدها لسنوات»، قبل أن ينتقل بسيارة خاصة إلى مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله للقاء عباس.
وتعهّد عباس، في كلمة أمام ذوي الأسرى المفرج عنهم بحضور عدد من القيادات الفلسطينية، «العمل الجاد والمتواصل بهدف إطلاق سراح باقي الأسرى». وقال «هذه البداية، وسنواصل العمل بكل جدية من أجل تأمين إطلاق سراح كل أسير وضمان عودته إلى بيته».
أما ملّوح فطالب من جهته القيادات والفصائل الفلسطينية كافة بالعمل معاً بهدف تأمين إطلاق سراح 11 ألف أسير فلسطيني، وفي مقدمتهم قادة كبار قدّموا حياتهم ثمناً للوطن.
وأضاف «هذا يوم سعيد، لكنه يحتاج لكي يكون كاملاً بالفرحة إلى تحرير جميع المعتقلين»، مشدداً على أن «منظمة التحرير هي الكيان الوطني الوحيد والممثل الشرعي لكل أبناء الشعب الفلسطيني». وأعرب عن شكره للرئيس الفلسطيني على جهوده في إطلاق سراح الأسرى.
ووضع عباس وملوح والأسرى المحررون أكاليل الزهور على ضريح الزعيم الراحل ياسر عرفات، ثم توجهوا إلى أداء صلاة الجمعة في خيمة خصصت لذلك.
وقالت مصادر إسرائيلية إن هذه المجموعة تضم 249 رجلاً أطلق سراحهم من معتقل كتسيعوت في جنوب إسرائيل وست نساء أفرج عنهن من معتقل هشارون المخصص للنساء. وأشارت الاذاعة الاسرائيلية إلى أن معظم السجناء المفرح عنهم هم من أفراد حركة «فتح» وقد وقّعوا تعهّداً بالتخلي عن ممارسة «الإرهاب».
وأطلقت أمهات وزوجات المعتقلين المفرج عنهم الزغاريد والأغاني الفلسطينية التقليدية وهن يقفن عند البوابة الرئيسية للمعسكر، فيما توزعت سيارات عسكرية إسرائيلة على مقربة من البوابة خوفاً من تحطيمها نتيجة التدافع.
وقالت حليمة جمهور (60 عاماً)، وهي تنتظر ابنها عماد الذي حكم عليه بالسجن ست سنوات في اسرائيل قضى منها أربعاً، «اعتقل قبل عشرة أيام من زواجه ولا تزال خطيبته في انتظاره. أول ما سنفعله هو عقد زواجهما».
أما رضوة الريماوي (54 عاماً)، والدة المعتقل هاشم الريماوي (30 عاماً)، فقالت والابتسامة على وجهها «أنا غير مصدّقة أن ابني سيتمّ الافراج عنه، هذا اليوم هو أسعد يوم في حياتي، وخصوصاً أن ابني مريض».
واحتضن مهند جرادات، الذي قضى 18 عاماً في السجن، أمه، وقال «لن أتركك يا أمي».
وأضاف «اليوم عدت الى الحياة. كنت أحلم برؤية والدي لكنه للاسف توفي وأنا في السجن». وتابع «أولويتي في الحياة اليوم الانتساب إلى جامعة لمواصلة دروسي ومواصلة الكفاح من أجل إطلاق سراح المعتقلين الآخرين».
ويعدّ جردات (40 عاماً) صاحب الحكم الأكبر، إذ إنه معتقل منذ عام 1989، وكان يقضي حكماً بالسجن عشرين عاماً تنتهي في 27 أيلول 2009.
ونفّذ 102 من المعتقلين المعنيين بقرار الإفراج أقل من نصف عقوباتهم، فيما نفّذ 61 منهم أكثر من ثلثيها. وليس بينهم معتقلون متورطون في هجمات أدت إلى مقتل اسرائيليين.
وكان وكيل وزارة الأسرى زياد ابو عين قد قال إن من بين الأسرى المفرج عنهم 30 أسيراً من حركة «حماس»، وهو ما نفاه القيادي في الحركة سامي أبو زهري، معتبراً أن ما قاله أبو عين «لا أساس له من الصحة ويهدف إلى التغطية على الحرج الذي تلاقيه حركة فتح».
كما أن «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» نفت الإفراج عن عدد من أسراها، واحتجت على خلو قائمة المعتقلين المفرج عنهم من أنصارها. وقال عضو المكتب السياسي للجبهة، حلمي الأعرج، الذي كان يقف عند بوابة عوفر، «نحن نطالب الرئيس الفلسطيني بتقديم تفسير لماذا تم استثناء معتقلين لنا».
ورحّب رئيس الوزراء حكومة الوحدة المقال إسماعيل هنية بالإفراج عن أي أسير فلسطيني، لكنه حذّر من استخدام عملية الإفراج «كرشى سياسية على شكل حسن نيات إسرائيلية لتحقيق أغراض سياسية». وقال إن «هناك أسراً فلسطينية سعيدة الآن بحرية أبنائها إلا أن هناك أسر أحد عشر ألف أسير لا تزال تعاني وتنتظر حرية أبنائها».
بدوره، قال القيادي في «الجهاد» خالد البطش «تهمنا سلامة الأسرى وأن يعودوا إلى أهلهم وذويهم سالمين، لكن ظروف إطلاق سراحهم من خلال كيد إسرائيل بتمييز طرف على حساب آخر محاولة لصب الزيت على نار الفتنة». وأضاف «نقول إن طريقة إطلاق سراح الأسرى واضحة، إما أن تطلق إسرائيل جميع أسرانا وإما أن تقوم المقاومة بأسر جنود إسرائيليين واستبدالهم بأسرى فلسطينيين».
وبالتزامن مع إطلاق الأسرى، كان الجيش الإسرائيلي يضيف أسرى جدداً إلى معتقلاته، إذ شنّ أمس حملة اعتقالات في الضفة الغربية طالت 12 ناشطاً فلسطينياً بدعوى أنهم «مطلوبون».