strong>انتقل السجال السياسي العراقي الحامي جدّاً، من بغداد إلى واشنطن، حيث تشتد من كل الجهات الضغوط الرامية إلى انسحاب مبكر، في ظل نزف متواصل في صفوف جنود الاحتلال، الذين سقط خمسة منهم أمس، وعودة الكلام عن اعتقال مسؤولين إيرانيين مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني في بلاد الرافدين
اختلط السجال داخل مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين حول العراق أمس بالحسابات الانتخابية للمرشّحين الديموقراطيين، في وقت وجّه فيه 70 نائباً ديموقراطياً رسالة إلى الرئيس جورج بوش أبلغوه فيها معارضتهم لأي مشروع قانون جديد لتمويل إضافي للحرب في العراق، ما لم يكن مقروناً بموعد لانسحاب القوات الأميركية منه.
ولم يتأخّر بوش في الردّ على ما سمّاه «تسييس النقاش حول العراق لمصالح حزبية ديموقراطية ضيّقة»، قائلاً، بعد استقباله أهالي جنود في الجيش الأميركي، إن «الوقت قد حان لنرتفع فوق الخلافات والمصالح الحزبية الضيّقة، ونعطي جنودنا كل ما يحتاجون إليه في العراق، بدل فرض الشروط على تمويل مهماتنا العسكرية».
ولم تنعكس أجواء الإعلانات الإيرانية ــــ الأميركية الأخيرة عن قرب إجراء جولة ثانية من المباحثات بشأن أمن العراق واستقراره، على التطوّرات الميدانية في بلاد الرافدين، حيث أعلن الجيش الأميركي أمس أنّ قواته اعتقلت شخصاً وصفته بأنه «إرهابي»، وقالت إنه مرتبط بـ«فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، وإنها قتلت ثلاثة آخرين، واعتقلت 44 في مداهمات في جنوب العراق.
ومع إعلان القوات البريطانية أمس عن مقتل ثلاثة جنود بريطانيين في البصرة، يكون عدد القتلى البريطانيين قد وصل إلى 162 قتيلاً منذ عام 2003.
وفي واشنطن، أكّد البيت الأبيض، على لسان المتحدّث باسمه طوني سنو، أنّ الإدارة «ملتزمة بموعد 15 أيلول لتقويم الوضع الأمني والسياسي في العراق، لتقرّر بعده ما إذا كانت ستغيّر استراتيجيتها العراقية أم لا». وجاء كلام سنو لـ«توضيح الكلام» الذي سبق أن أدلى به نائب قائد القوات الأميركية في العراق ريمون أوديرنو أول من أمس، وطالب فيه بتمديد الفترة الزمنية لتقويم التقدّم الحاصل في بلاد الرافدين، حتّى تشرين الثاني المقبل بدلاً من أيلول.
ورأى قائد القوات الأميركية في بغداد، ريتشارد لينش، أنّ مهمّة «تطهير» المناطق الخاضعة لإدارته العسكرية في العاصمة العراقية، تتطلّب وقتاً حتى نهاية الصيف الجاري، بينما يحتاج تثبيت الأمن في هذه المناطق لتسليمها إلى القوات العراقية إلى وقت حتى الصيف المقبل. كما رأى لينش أنّ الحكومة العراقية بحاجة إلى 7 ألوية إضافية في الجيش العراقي، و5 ألوية من الشرطة في العاصمة، لكي «تتمكّن من الوصول إلى المستوى الأمني الذي تحقّقه القوات الأميركية اليوم». وانتقد لينش الحكومة المركزية في بغداد على خلفية تعزيزها «سلطات الأمن الذاتي» الذي تؤمّنه المجموعات المحلية، من خلال رفض لائحة قدّمها من 3000 عراقي سنّي يريدون التطوّع في الجيش العراقي.
أمّا الجنرال الأميركي المسؤول عن منطقة غرب الأنبار، والتر غاسبين، فكان أكثر تشاؤماً من لينش، إذ رأى أنّ القوات العراقية لا تزال في حاجة لسنوات من التدريب والتوجيه الأميركي، قبل أن تصبح جاهزة لتسلّم الأمن.
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة «أسوشيتد برس» أمس، قال المرشّح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية باراك أوباما إنّ «تجنُّب حصول إبادة جماعية في العراق بعد انسحاب أميركي ليس حجّة كافية لإقناعنا بالبقاء هناك». وأشار إلى أنّ الجيش الأميركي لا يستطيع أداء أي دور في حلّ المشاكل الإنسانية والسياسية والدبلوماسية في هذا البلد، معتبراً أنّ «الخطر الأكبر هو في بقائنا هناك لا في انسحابنا».
وفي السياق، اتهمت وزارة الدفاع الأميركية عضو مجلس الشيوخ الأميركي هيلاري كلينتون، المرشّحة الديموقراطية الأوفر حظاً لخوض الانتخابات الرئاسية عام 2008، بتعزيز «دعاية العدو» عبر طلبها توضيحات حول خطط الانسحاب من العراق.
وفي نيويورك، أعلنت الأمم المتحدة أن الحكومة العراقية أحرزت تقدماً في الالتزام بالوعود التي قطعتها تجاه المانحين الدوليين في ميادين مراجعة الدستور، وإنشاء مفوّضية مستقلة للانتخابات، وقانون النفط والغاز، وقانون الاستثمار وإدارة الموارد العامة، وجهود مكافحة الفساد، والأمن، في مقابل الحصول على مساعدات لخططها التنموية، بموجب ما تعهّدت به الحكومة العراقية في وثيقة «العهد الدولي للعراق» التي تمّ توقيعها في مؤتمر شرم الشيخ الذي عُقد في أيار الماضي.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)