strong>خطوة إلى الأمام... خطوتان إلى الوراء؛ هكذا تسير العملية السياسية في العراق. فرغم الانفراجات التي تحقّقت الاسبوع الماضي مع عودة الكتل النيابية عن مقاطعتها للبرلمان، أجمع الطيف السياسي العراقي على استحالة إقرار قانون النفط المطلوب أميركياً قبل أيلول المقبل، كذلك ملء الفراغ الوزاري لن يكون قريباً في ظلّ غياب الإجماع على هوية الوزراء البدلاء
لا تزال العملية السياسية في العراق تواجه تعثّراً وارتباكاً ملحوظين؛ ففي الوقت الذي أكّد فيه رئيس الوزراء نوري المالكي أن قائمة التعديل الوزاري جاهزة منذ أكثر من أسبوع، وتنتظر اكتمال نصاب مجلس النواب، قالت «القائمة العراقية» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي، إنها لم تتلقّ بعد الرد على تسمية مرشّحها لوزارة العدل (النائبة عالية نصيف العبيدي)، وإن الحكومة لا تزال تتلبّسها «روحية المؤامرة».
وذكرت مصادر برلمانية أن قائمة الوزراء الجدد، والتي يعتزم المالكي طرحها على البرلمان، قد تم تأجيلها نتيجة اعتراض بعض الكتل البرلمانية على الأسماء المقترحة. وأكّد رئيس ديوان الرئاسة العراقية نصير العاني، بعد الاجتماع الأسبوعي الثالث للمجلس الرئاسي، الذي يضم رئيس الجمهورية جلال الطالباني ونائبيه، برئيس الحكومة، أنه «لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الوقت لدراسة السير الذاتية للمرشحين لشغل الحقائب الوزارية الست الشاغرة».
وإذ ينتظر مجلس النواب مناقشة قانون النفط المثير للجدل، أكّدت مصادر رسمية برلمانية أن هناك نسختين مختلفتين من مشروع القانون أُحيلتا إلى المجلس، فيما يسود رأي بأن مناقشة قانون النفط في البرلمان لن تكون قبل شهر أيلول المقبل. وأدلى نواب من «الكتلة الصدرية» والتحالف الكردستاني و«الائتلاف العراقي الموحد» وجبهتي «التوافق» و«الحوار الوطني» وحزب الفضيلة بمواقف تُجمع على أنّ قانوني النفط والغاز واجتثاث البعث لن يناقشهما البرلمان الا بعد الانتهاء من التعديلات الدستورية المقرّرة في الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب الذي يبدأ في شهر أيلول.
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أمس، عن أنّ الإدارة الأميركية تعمل على تسريع «عملية تفاوضية تسمح للفصائل العراقية بحل خلافاتها وسن قانون وطني للنفط وتشريع قانون يهدف إلى إدخال البعثيين السابقين في الحكومة».
وذكرت شبكة التلفزيون الأميركية «إي بي سي» أمس أنّ تقريراً سرّياً أعدته الاستخبارات الأميركية أكّد أن قانون النفط العراقي لن يقرّ في مجلس النواب العراقي بحلول شهر أيلول المقبل، «حتى لو تم وضع تشريع تجميلي بشأنه». وبحسب التقرير، فإن الأكراد يفضّلون أن تقوم شركات النفط الأجنبية بدور أكبر في الثروة العراقية، وهو ما يعارضه الشيعة في جنوب العراق «بسبب خشيتهم من فقدان السيطرة على ممتلكاتهم لمصلحة الأجانب».
وفي سياق آخر، دخل النائب عن «الائتلاف الموحّد» حسن البياتي في النقاش الدائر في الولايات المتحدة حول الفترة المطلوبة لتقويم الوضعين السياسي والأمني في العراق، فدعا السفير الاميركي في بغداد رايان كروكر وقائد القوات الأميركية دايفيد بيترايوس الى تقديم تقرير أولي في 15 ايلول، وتأجيل التقرير النهائي الى شهر كانون الاول المقبل، مشيراً إلى أن تقرير الامم المتحدة عن العهد الدولي أكّد أن الحكومة العراقية أنجزت 300 هدف من أصل 400، وإلى تقرير الادارة الأميركية الذي «أشار الى إحراز 8 أهداف، ولم يبق الا 8 أهداف أخرى».
في هذا الوقت، عاد الحديث عن الفترة المطلوبة بحسب الدستور العراقي للانتقال إلى صيغة اللامركزية السياسية في البلاد، فارتفعت أمس الاصوات المندّدة بما سمّاه النائب عن «القائمة العراقية الوطنية» اسامة النجيفي بـ«التجاوزات الخطيرة لقوات الاسايش (الامن في اقليم كردستان) التي فرضت سيطرتها على مناطق مختلفة من محافظة نينوى». وقال، في مؤتمر صحافي لتجمع «عراقيي الشمال» أمس، إن هذه المناطق «فُرض عليها رفع علم كردستان بدل العلم العراقي، اضافة الى ربط المناهج الدراسية بإقليم كردستان»، رغم وجود 21 نائباً برلمانياً من محافظة نينوى، بينهم أربعة أعضاء فقط من الاكراد فيما الآخرون من التركمان، بالإضافة إلى عضو من المسيحيين.
وقرّر مجلس النواب العراقي في جلسته أمس برئاسة محمود المشهداني، تأليف لجنة مؤقتة تعنى بالمصالحة الوطنية، التي تبدأ بين الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية، وتنتقل بعدها لتطال القوى التي لا تزال خارج العملية السياسية.
وبرز أمس توجيه «الجيش الاسلامي»، أحد الفصائل المسلحة السنية في العراق، دعوة إلى الادارة الاميركية لمراجعة حساباتها في العراق، وإطلاقه إشارات إلى استعداده للتفاوض مع واشنطن، بينما أشاد ببعض القادة من الشيعة، وخصوصاً المرشّح لخلافة نوري المالكي مهدي الحافظ، الذي وصفه بيان «الجيش الاسلامي» بأنه «شيعي عروبي».
وقال البيان «ان خسائر اميركا تزداد مع استمرار بقائها في العراق»، مجدداً الدعوة التي سبق أن وجّهها إلى الكونغرس للإسراع في سحب القوات الأميركية سريعاً. وقال «ليُخرجوا ما بقي من جنودهم وليسلّموا البلد إلى أهله لا إلى إيران وعملائها». وأكّد البيان «أن الذي مرّغ أنف أميركا في التراب هو المقاومة الباسلة، لا ما يسمّونه الإرهاب»، مشيراً إلى عدم فاعلية «القاعدة» قياساً الى الفصائل المسلحة الأخرى.
إلى ذلك، بحث وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري هاتفياً أمس مع نظيره السوري وليد المعلم الأوضاع الأمنية في العراق، فضلاً عن جدول أعمال الاجتماع المقبل للجنة العمل الأمنية المنبثقة عن مؤتمر شرم الشيخ والتي من المقرر أن تُعقَد في دمشق مطلع آب المقبل. وأكّد لنظيره العراقي أن بلاده ستشارك في الاجتماع المقرّر عقده بشأن اللاجئين العراقيين في دول الجوار في العاصمة الاردنية في 26تموز الجاري، حسبما جاء في بيان وزارة الخارجية العراقية.
ميدانياً، أعلن الادميرال الاميركي مارك فوكس أمس، أن صواريخ صينية الصنع تهرَّب إلى العراق عبر ايران لمهاجمة القوات المحتلة، لكنّه أضاف أن قواته لا ترى «جيش المهدي جماعة متطرفة عموماً، بل هناك خلايا سرية متطرفة وإرهابية داخل هذا التنظيم، لأنها لا تصغي الى قياداتها العليا». وبرّأ فوكس جماعات كبيرة من هذا «الجيش» ووصفهم بـ«اللائقين ويعملون بجدية في المجتمع ولا علاقة لهم بأعمال العنف».
وفي شمال بغداد، قالت الشرطة العراقية إن خمسة من زعماء القبائل السنية المعارضة لتنظيم «القاعدة» قُتلوا أمس عندما قاد انتحاري حافلة صغيرة مفخخة ليصدم منزلاً كان الزعماء مجتمعين فيه مع زعماء شيعة محليّين لبحث الانضمام إلى القوات الأميركية والعراقية في القتال ضد «القاعدة» في المنطقة ذات الغالبية العربية السنية.
وسقط نحو 62 قتيلاً في بغداد خلال اليومين الأخيرين، بينما قُتل جندي بريطاني في البصرة.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، د ب أ)