غداة الردّ الصاعق الذي حدّد فيه موقف بلاده الحازم من الأزمة الدبلوماسيّة القائمة مع بريطانيا، استكمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، استعراض عضلاته في كنف «التهديدات العالميّة القديمة والجديدة»، وبينها الخطط الأميركيّة بنشر منظومة الدفاع الصاروخيّ في بولندا وتشيكيا، مشدداً على أنّ مهمّة تعزيز قدرات القوّات المسلّحة الروسية «أصبحت من الأولويّات»، وفي مقدمها تمتين شبكة التجسّس الروسيّة.وذكرت وكالة الأنباء الروسيّة «نوفوستي» أنّ بوتين أشار أثناء لقائه عدداً من الضباط الكبار في أجهزة الأمن الروسية إلى بقاء الكثير من العوامل المزعزعة للاستقرار في العالم، بما فيها التهديدات المتعلقة بنشوب نزاعات إقليمية، وتهديدات المتطرفين والإرهابيين، و«التهديدات على أمّتنا»، من هنا «أهميّة» جهاز الاستخبارات الروسي الذي «يجب أن يضاعف قدراته» وخصوصاً «في مجالي المعلومات والتحليل حول ترتيب بلادنا القياديّ على الصعيد الدولي».
وقال سيّد الكرملين «يجري الآن بنشاط متزايد تنفيذ الخطط الخاصة بنشر قواعد أميركية جديدة في أوروبا الشرقيّة، وهناك إبطاء في التصديق على معاهدة الحدّ من القوات المسلحة التقليدية في أوروبا بمختلف الذرائع»، وبالتالي وجدت روسيا نفسها «مضطرة لوقف تنفيذ تلك المعاهدة والاتفاقات الدولية المرتبطة بها»، مشيراً إلى أنّ «الإخلال بالتوازن» لا يقتصر على مجال الأسلحة التقليدية وحده.
وذكّر الرئيس الروسي أنّ بعض دول البلطيق والبلقان لم توقّع على الصيغة المعدّلة للمعاهدة في عام 1999، فيما تُذكر منطقة البلطيق في النص القديم للمعاهدة على أنها «المنطقة العسكرية لحوض بحر البلطيق». وتساءل ساخراً «هل عليّ أن أعين قائداً لها؟».
وأوضح أنّ الصيغة الأصلية للمعاهدة، التي أعلنت موسكو إيقاف العمل بها على أن يدخل الإجراء حيّز التنفيذ في كانون الأوّل المقبل، «كانت تنطلق من وجود حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو»، وبعدما انضمّت جميع دول أوروبا الشرقية تقريباً إلى «الأطلسي» تغيّر «الوضع جذريّاً».
وأشار بوتين، الذي ثمّن الأداء «المخلص والنزيه» لجهاز الاستخبارات الخارجيّة، إلى أنّه في الفترة الأخيرة تقلّص بدرجة ملحوظة عدد الأعمال الإرهابية، ما أتاح إمكان تحصين المناطق الحدوديّة الوطنيّة الأكثر عرضة للخطر من خلال إقامة «حاجز ملموس أمام تسلّل إرهابيين دوليين إلى روسيا».
وفي معرض حديثه عن خطط الولايات المتحدة «الدفاعيّة» في بولندا وتشيكيا، أكّد بوتين أنّ عناصر من الأسلحة الاستراتيجية الأميركية تظهر للمرّة الأولى في أوروبا، ولفت إلى أنّ الخيارات البديلة التي تقدمت بها روسيا للحماية من التهديدات المفترضة، والتي تقضي بالتشارك في محطّة عسكريّة في جنوب روسيا ومحطّة غابالا في أذربيجان، «لا تزال متجاهلة».
ورأى بوتين أن مهمّة المرحلة الحالية من البناء العسكري تتمثّل في تعزيز التأهّب القتالي للجيش والأسطول، وتجهيزهما بأسلحة وتقنيات معاصرة، وإنشاء منظومات الاستخدام المزدوج كمنظومة «غلوناس» الروسية العالمية للرصد والملاحة الفضائية.
من جهة أخرى، رأى بوتين أنّه يتعيّن على بلاده الانضمام، مع حلول عام 2015، إلى عداد الدول الرائدة في الفضاء المعلوماتي العالمي. وأشار إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب من كل أجهزة السلطة وأوساط الأعمال والمجتمع المدني تنسيق الجهود بدرجة عالية من الدقة.
وقال الرئيس الروسي في هذا الصدد «نرى من المجدي استحداث لجنة تابعة لهيئة رئاسة مجلس العلم والتكنولوجيا والتعليم لتتولى الإشراف على معالجة قضايا تنمية المجتمع المعلوماتي»، موضحاً أنّ بلاده بذلت في السنوات الأخيرة جهوداً حثيثة لنشر تكنولوجيا المعلومات في الاقتصاد الوطني والحياة الاجتماعية.
وفي إطار ازدياد الحماسة في موسكو مع اقتراب الانتخابات الرئاسيّة، قال رئيس الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف، أمس، إنّه لا يوافق على إدراج حزب «روسيا الأخرى» اسمه في قائمة «المرشحين الوحيدين المحتملين عن المعارضة».
ونقلت «نوفوستي» عن زيوغانوف قوله إنّ حزبه يجري انتخاباته الأوّلية، ومشاوراته حول المرشحين المحتملين في الأقاليم. وأضاف إنّه شخصياً رُشّح لخوض الانتخابات عن «الشيوعي» و30 منظمة في روسيا.
ويرى زيوغانوف أنه يجدر بـ«روسيا الأخرى» التشاور حول المرشح الموحّد مع بوتين، ورئيس «الحزب الليبرالي الديموقراطي» الروسي فلاديمير جيرينوفسكي، ورئيس مجلس الدوما بوريس غريزلوف، ورئيس مجلس الفدرالية سيرغي ميرونوف الذين يجسّدون السياسة الاجتماعية الاقتصادية في العقد الأخير.
(يو بي آي، أ ب، رويترز)