رام الله ــ سامي سعيد
قدّم القيادي في حركة «فتح» محمد دحلان أمس استقالته من منصبه كمستشار للأمن القومي إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أعلن قبولها.
وأكدت مصادر فلسطينية مقربة من عباس، لـ«الأخبار»، أن دحلان (45 عاماً) بعث بخطاب الاستقالة من أحد المستشفيات اليوغوسلافية. وأوضحت أن «الاستقالة لم تأت بسبب الأوضاع الصحية أو ابتعاد دحلان عن العمل السياسي، كما قال هو في رسالته، بل جرّاء كثرة المطالبات الفتحاوية له بالاستقالة باعتباره المسؤول الأول والمباشر عن هزيمة حركة فتح والأجهزة الأمنية أمام حركة حماس في قطاع غزة».
وأشارت المصادر إلى أن دحلان أعرب للمقربين منه عن انزعاجه الشديد من كثرة مطالبة قادة في المجلس المركزي لـ«فتح» له بالاستقالة وتحميله المسؤولية. وقال إنه «لم يعد يحتمل تحميله المسؤولية وحده، فقرر أن يستقيل قبل أن يقال».
وكان دحلان قد بعث برسالة إلى الرئيس الفلسطيني أمس يطالبه فيها بقبول استقالته من منصبه كمستشار لللأمن القومي، عازياً ذلك إلى أسباب صحية، كما نشر مكتب النائب دحلان.
وقال دحلان، في كتاب الاستقالة، «إنه نظراً لظروفي الخاصة وبسبب ابتعادي عن العمل في الآونة الأخيرة وإمكان أن يستمر العلاج فترة طويلة فإني قررت الاستقالة من منصبي».
وفي محاولة لإبعاد الأنظار عن خلافات دحلان وأبو مازن، قدّم دحلان شكره في الرسالة إلى عباس على «دعمه المتواصل لي طوال فترة عملي الى جانبه»، مؤكداً أنه «سيبقى دوماً إلى جانب الرئيس جندياً وفياً». وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة في «فتح» أن القادة الذين كانوا ينادون دوماً بإقالة دحلان أعربوا عن فرحتهم بما آلت إليه الأوضاع. ورأوا أن استقالة دحلان انتصار لهم بعدما «خزاهم في غزة».
وأشارت المصادر «الفتحاوية» إلى أن أحد هؤلاء القادة أعلن أنه «سيوزع الحلوى بنصف راتبه الذي تقاضاه أخيراً عندما يتم تأكيد الاستقالة وقبولها من عباس»، فيما قام آخر بمسح اسم دحلان من هاتفه النقال الخاص، وقال «لم تعد تلزمني مثل هذه الأسماء ولا أرقامها».
إلى ذلك، تصاعد الجدل السياسي داخل «فتح» في شأن الموقف الرسمي لقيادة الحركة الرافض للحوار مع «حماس»، ولا سيما بعد تأكيد مدير الأمن الوقائي السابق في الضفة الغربية جبريل الرجوب عدم القدرة على تهميش «حماس» أو إلغائها.
وذكرت مصادر فلسطينية أن الرجوب بدأ، منذ وفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات، يغيّر موقفه من «حماس»، وخاصة بعدما فقد الحظوة التي كانت يتمتع بها في عهد أبو عمار. وأعادت سبب فقدانه لهذه الحظوة إلى تصاعد أسهم ما سمته «مدرسة دحلان داخل مراكز القرار في حركة فتح». ورجّحت المصادر أن تتصاعد حالة الاستنفار ضد الرجوب داخل «تيار دحلان» في «فتح»، لكنها قالت إن «ما يجب أخذه بالاعتبار أن الرجوب ليس سهلاً لا من الناحية الأمنية ولا السياسية ولا الاقتصادية».
وقالت المصادر إن الرجوب «يحظى باحترام كبير لدى قادة أجهزة الأمن في الضفة الغربية، وله أصدقاء كثر هناك، ويتمتع بعلاقات سياسية متينة مع عدد من القيادات التاريخية في اللجنة المركزية لحركة فتح، إضافة إلى قوته المالية المؤثرة».