بالرغم من انتهاء قضية الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني، إلا أن ردود الفعل التي أعقبت الاتفاق الموقّع بين ليبيا وفرنسا للتعاون النووي كمكافأة لطرابلس، فتحت مجالاً آخر للسجال بين متخوّف من امتلاك دولة عربية سلاحاً نووياً وبين من رأى أنّ الخطوة لا تخرج عن إطارها السلمي.واتهمت ليبيا بلغاريا أمس بانتهاك اتفاق تبادل السجناء الموقّّّع بين البلدين عام 1984، بإصدارها عفواً عن الممرّضات المدانات بتعمّد إصابة مئات الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز. واستدعت ليبيا أول من أمس القائم بالأعمال في السفارة البلغارية في طرابلس واحتجت على عدم احترام صوفيا اتفاق الاسترداد ومنح العفو للممرضات والطبيب.
من جهتها، رفضت صوفيا احتجاجات ليبيا. وقال النائب العام بوريس فلتشاف إنه «ليس هناك على الأرجح أي عائق لإجراء العفو الذي مُنِحَ للطبيب والممرضات»، مضيفاً إن الاتفاق المبرم عام 1984 «ينص على إجراء كهذا وهو عنصر مبدئي في الاتفاقات المشابهة».
من جهة ثانية، رأت فرنسا أن بروتوكول الاتفاق الموقّّع مع ليبيا لتزويدها بمفاعل نووي لتحلية مياه البحر، ليس «اتفاقاً ظرفياًَ»، ويحترم هدف منع الانتشار النووي. وقال مساعد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الفرنسية دوني سيمونو إنّ «المحادثات المتعلّقة بهذا التعاون بدأت بعدما تخلّت ليبيا عن برامج أسلحة الدمار الشامل في كانون الأول 2003، وهي قائمة منذ سنوات»، مضيفاً إن مفوضية الطاقة الذرية الفرنسية سبق لها أن وقّعت اتفاق تعاون مع نظيرتها الليبية في آذار 2006. وقال سيمونو إن «هذا التعاون الفرنسي الليبي في المجال النووي المدني هو الدليل على أن الدول التي تحترم تعهداتها الدولية حول منع الانتشار النووي بشكل كامل يمكنها أن تحصل على كل فوائد الاستخدام المدني للطاقة النووية».
ورأى خبراء قريبون من الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن توقيع بروتوكول الاتفاق الفرنسي ـــــ الليبي لا تنجم عنه بالضرورة مخاطر انتشار نووي عسكري، بالنظر الى التنسيق القائم حالياً بين ليبيا والوكالة الدولية.
أمّا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فقال، من جهته، إن على الغرب أن يثق بالدول العربية لتطوير مثل هذا النوع من التكنولوجيا للأغراض السلمية وإلا خاطر بحرب بين الحضارات. وأكد أنه «ليست هناك أي علاقة» بين هذا الاتفاق وإفراج ليبيا عن الفريق الطبي البلغاري.
بدورها، أعربت الولايات المتحدة عن دعمها للاتفاق الفرنسي الليبي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك إن «الحكومة الفرنسية ستكون بالتأكيد شديدة اليقظة لضمان احترام أي اتفاق نهائي».
وفي برلين، قال وزير الدولة الألماني غرنوت ايرلر إن الاتفاق «مثير للمشاكل من الناحية السياسية»، واتهم الحكومة الفرنسية بالعمل ضد المصالح الألمانية.
ولم تبق ردات الفعل حول بروتوكول التعاون النووي في الاطار الرسمي، إذ أثار احتجاجات جمعيات وأحزاب يسارية في فرنسا وصفت القرار بأنه «غير مسؤول» ويمهّد الطريق أمام حيازة السلاح النووي. وقالت منظمة «غرينبيس ـــــ فرنسا» إن «هذا الاتفاق يطرح مشكلة ضخمة لناحية الانتشار النووي ويندرج ضمن خط السياسة الفرنسية القائم على التصدير غير المسؤول للتكنولوجيا النووية».
في غضون ذلك، بدأ الاتحاد الاوروبي الاستعدادات لوضع برنامج حول المفاوضات مع ليبيا بحيث يناقشه المجلس الأوروبي في تشرين الأول المقبل، ليحال بعد ذلك على البرلمان الأوروبي لإجراء مشاورات حول أوجه التعاون بين الجانبين.
(رويترز، أ ف ب، د ب أ، يو بي آي)