strong>علي حيدر
تنشط الدبلوماسية الاميركية باتجاه تحريك المسار السياسي بين الدول العربية المعتدلة واسرائيل. ورغم أن الأهداف الاميركية تتجاوز ساحة الصراع الفلسطيني ــ الاسرائيلي، فإن تذليل العقبات القائمة على هذا المسار يمثّل شرطاً اساسياً لانطلاقة المخطط الاميركي

ذكرت صحيفة «يديعوت احرونوت» أمس أن السعودية لم تستجب بعد للدعوة الاميركية إلى المشاركة في المؤتمر الدولي الذي سينعقد في الخريف المقبل، مشيرة إلى أن السبب يعود الى أن «الملك السعودي خاب أمله لأن المؤتمر لن يعنى بنقاط الخلاف المركزية بين اسرائيل والفلسطينيين، والتي يفترض أن تُحل في إطار الاتفاق الدائم». وتحدثت الصحيفة عن خشية البيت الأبيض من ألا يعود للمؤتمر أي مغزى بسبب تغيب السعودية، صاحبة مبادرة السلام العربية. وأرجعت الصحيفة خيبة أمل الرياض إلى أن الرئيس الأميركي جورج بوش «يرفض رعاية البحث في الحدود والقدس واللاجئين»، مشيرة إلى أن السعوديين يطالبون بأن توافق اسرائيل على مبادرة السلام التي أقرّتها الجامعة العربية. ولفتت الصحيفة أيضاً إلى أنه يتوقع أن تضغط وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت، خلال زيارتها المرتقبة الى اسرائيل، للإعلان عن استعداد الدولة العبرية للبحث في المبادرة السعودية قبل المؤتمر.
في المقابل، أوضحت مصادر سياسية في القدس المحتلة لمسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، أن اسرائيل «معنية بأن تعترف السعودية بوجودها قبل المؤتمر، وأنه من دون اعتراف كهذا لن يكون ممكناً البحث في المواضيع المرتبطة بالتسوية الدائمة».
وأوضحت «يديعوت» أنه «حتى الآن، ليس واضحاً على الاطلاق أين سيُعقد المؤتمر وماذا سيكون جدول أعماله؟»، مشيرة الى أن البيت الابيض يحاول خفض مستوى التوقعات ويحرص على استخدام تعبير «لقاء» لا «مؤتمر دولي» كما قال بوش في البداية.
وفي السياق، قال دبلوماسيون ومسؤولون إسرائيليون أمس، إن «الولايات المتحدة تريد من إسرائيل توسيع نطاق المحادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أملاً في بدء الدفع باتجاه القضايا العالقة الرئيسية مثل الحدود». لكنهم أكدوا أنه «لا وضوح يتعلق بالمدى الذي يمكن أن يذهب إليه أولمرت في إطار مساعي واشنطن لدعم عباس بعد أن سيطرت حماس على قطاع غزة قبل ستة أسابيع».
وذكر مسؤولون إسرائيليون أن أولمرت مستعد لمناقشة الحدود وغيرها من القضايا الجوهرية «بطريقة عامة» يمكن أن تفضي إلى «اتفاق على المبادئ» بخصوص إقامة دولة فلسطينية، لكنه لم يوافق بعد على إجراء مفاوضات كاملة بشأن الموضوعات الثلاثة الرئيسية الخاصة بالوضع النهائي، وهي الحدود والقدس واللاجئون، كما اقترح عليه الرئيس محمود عباس. وأعرب المسؤولون أنفسهم عن «تخوفهم من أن يثير أي التزام الآن تطلعات ما ويؤدي إلى مزيد من العنف إذا انهارت المحادثات».
لكن دبلوماسيين غربيين قالوا إن «أي التزام من جانب أولمرت ببدء التفاوض حول موضوعات الحدود في خطوة مبدئية، قد يساعد واشنطن في إقناع دول عربية مثل السعودية بالمشاركة في المؤتمر الدولي».
ووصف مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى زيارة رايس إلى الدولة العبرية بأنها «استكشافية» لترى ما إذا كان أولمرت مستعداً للتطرق إلى القضايا الجوهرية. إلا أن مسؤولاً آخر اشترط عدم نشر اسمه، قال إن «الأمر أكبر من مجرد استكشاف الأجواء. الأميركيون يحاولون معرفة إلى أي مدى يمكنهم توسيع نطاق الأفق السياسي».
ويُشار الى أن مكتب أولمرت حدد «الأفق السياسي» منذ مدة طويلة بطريقة محدودة تقتصر على أمور مثل الهياكل القانونية والاقتصادية والحكومية للدولة الفلسطينية في المستقبل. اما واشنطن، بحسب دبلوماسي غربي، فتتوق حالياً إلى «توسيع نطاق الأمور التي تجري مناقشتها» بين أولمرت وعباس، مقرّاً بأن «من المهم أن يعرف الفلسطينيون ماذا ستكون النتيجة النهائية إذا ساروا على الطريق الصحيح».
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن وزارة الخارجية الإسرائيلية عمَّمت قبل أسبوع، تعليمات جديدة لكافة ممثلياتها، يمكن بموجبها تجديد العلاقات الدبلوماسية مع السفراء والممثلين الفلسطينيين الرسميين في العالم، والتي تم تجميدها قبل سنة ونصف السنة عند صعود حركة «حماس» إلى السلطة. وأرسلت الوزارة برقية مقتضبة بهذا الشأن إلى كافة سفراء والقناصل العامين لإسرائيل جاء فيها: «في ضوء الوضع الجديد الذي نشأ في السلطة الفلسطينية، وتأليف الحكومة الفلسطينية الجديدة برئاسة سلام فياض، جرى تغيير التعليمات التي منعت إجراء اتصالات مع ممثلين دبلوماسيين فلسطينيين رسميين. ولذلك من الممكن العودة إلى التعامل مع الممثلين الفلسطينيين مثلما كان متبعاً في الماضي».
وفي أعقاب تغيير التعليمات، بدأ كثيرون من الممثلين الاسرائيليين إجراء لقاءات مع نظرائهم الفلسطينيين. إلا أن عدداً منهم بعث بتقارير لوزارة الخارجية تفيد بأن الدبلوماسيين الفلسطينيين يواصلون عرض مواقف معادية لإسرائيل في الهيئات والأطر المختلفة.