المالكي يهدِّد بـ«يد حديديّة» ضد من يستدرج التدخلات الخارجية
هدّد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أمس باستخدام القوة إزاء الدعوات المطالبة بتدخّل عربي في الشأن العراقي للإسهام في إخراج العملية السياسية من عنق الزجاجة الذي تمرّ فيه. وقال، في كلمة ألقاها خلال ترؤسه المؤتمر الأول لقادة الفرق العسكرية: «أستغرب عند سماع البعض من السياسيّين يتحدّث بصراحة: ما المانع من تدخل الدول العربية والإسلاميّة في الشأن العراقي؟»، متسائلاً عن «مكانة العراق وكرامة العراقيّين بالنسبة إلى هؤلاءوطالب المالكي القادة العسكريين بأن يضربوا «بيد من حديد كلّ من يبسط سجادة حمراء أو يفرش وروداًَ في وجه من يريد أن يتدخّل في الشأن العراقي»، محذّراً من التدخلات الخارجية للدول التي تدعم نظريّة أنّ «العراق ضعيف ويشكّل فرصة للبروز إلى المسرح الإقليمي من موقع التصدّي والتحدّي لإرادة الأوطان والشعوب».
وتطرّق المالكي، الذي شدّد على أنّ «المؤامرات التي تحاك مرفوضة» وأنّ التغيير هو عبر الديموقراطيّة، إلى أداء حكومته، موضحاً أنّها تتصدّى «لأيّام الجهل والاستبداد والتهميش والديكتاتورية والالتفاف والتحايل والتآمر»، ومحذّراً من استمرار المحاولات التي تهدف إلى «تقسيم العراق وتمزيقه من أجل استقرار بعض الدول».
وتأتي تهديدات المالكي بعد تحذير أطلقه نائب الرئيس العراقي وزعيم «الحزب الإسلامي» (السنّي المعارض) طارق الهاشمي أمس حول «ضرورة تدخّل الدول العربيّة» لرأب الصدع في الساحة السياسيّة العراقيّة، في إطار مساعي رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم «القائمة العراقيّة» المعارضة إيّاد علاوي لتشكيل ائتلاف برلماني قوي مدعوم عربيّاً لإضعاف التحالف الشيعي ـــــ الكردي الحاكم.
وقال الهاشمي، بعد لقاء الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ بعد زيارة استمرّت 3 أيّام: «لا أخفي أنّ الموقف (في العراق) يدعو إلى القلق فعلاً، ولا بدّ من وقفة عربية قبل فوات الأوان»، مضيفاً أنّه «لا يجب ترك مستقبل العراق ليحدّده الأجانب (في إشارة إلى الولايات المتّحدة وإيران)، وأنّ الوقت قد حان لخيار عربي».
في هذا الوقت، نقلت صحيفة «الصباح» الحكوميّة العراقيّة عن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر تحميله القوّات الأميركية والأجنبية في العراق «المسؤوليّة عن التوتّرات المذهبية والخلافات بين أبناء الشعب الواحد»، واستبعاده «حدوث حرب أهلية في العراق» لأنّ «الشعب لن يقع في ذلك الفخ».
وانتقد الصدر، الذي شدّد على أنّ «جيش المهدي» الذي يتزعّمه ليس حزباً سياسياً بل «قاعدة جماهيرية فيها الصالح والطالح»، «طريقة الاستجداء السياسي والاستعانة ببعض الأعراب لمحاولة الانقلاب على العملية السياسية»، محمّلاً «مجلس النوّاب مثل هذه المسؤوليّة».
وفي تحذير آخر، قال السفير الأميركي في العراق رايان كروكر، في مقابلة لإذاعة أميركيّة من بغداد، إنّ الفوضى ستعمّ في بلاد الرافدين «إذا انسحبت القوّات الأميركيّة منه»، مشيراً إلى «ضرورة التفكير مليّاً بإمكان استيلاء عدوّنا الاستراتيجي (تنظيم «القاعدة») على السلطة في العراق في حال الانسحاب»، وموضحاً أنّ «علينا أن ننظر في انعكاسات ذلك على الجوار: ماذا ستفعل إيران؟ وماذا ستفعل تركيا؟ وماذا ستفعل الدول العربية؟».
ورداً على سؤال عن أيّ مؤشّرات إلى انسحاب أميركي قريب، قال كروكر: «لا أرى نهاية للعبة في الأفق»، موضحاً «لذلك أشعر بالقلق قليلاً عندما يتحدّث الأميركيّون عنه (الانسحاب)». إلا أنّه أضاف: «بالتأكيد لدينا بضعة أشهر علينا بعدها اتخاذ قرارات نهائية».
ميدانياً، قالت «هيئة علماء المسلمين»، وهي أكبر منظمة دينية سنية في العراق، أمس إنّ قوّة من الجيش الأميركي قامت مساء أوّل من أمس بإعدام شاب عراقي مع والده في منزلهما في حي الجامعة غرب بغداد.
وأعلن الجيش الأميركي أمس، مقتل 4 من جنوده في العراق خلال يومين، بينهم اثنان في محافظة ديالى المضطربة، ما يرفع إلى 20 عدد الجنود الأميركيين الذين قضوا في العراق منذ بداية حزيران الجاري.
وقضى في العراق أمس 10 أشخاص بينهم وكيل المرجع الشيعي علي السيستاني، رحيم الحسناوي السيستاني، في إطلاق نار في حيّ الجزيرة.
وأعلنت جماعة «الجيش الإسلامي في العراق»، في بيان على الإنترنت، أنّها توصّلت إلى اتّفاق مع «القاعدة في بلاد الرافدين» لوقف الاقتتال في ما بينهما بشكل فوري «حرصاً على مشروع الجهاد من التمزيق».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)