نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعلامة امتياز في «امتحانه الدبلوماسي» أمس في وجه الضغوط الممارَسة عليه من زعماء الدول الصناعية السبع في الاجتماع الموسّع لقمّتهم التي انعقدت في ألمانيا أمس، وكذلك في لقائه الثنائي مع الرئيس الأميركي جورج بوش. والجديد الذي فاجأ الأوساط المتابعة، كان اقتراح بوتين إقامة قاعدة رادار مشتركة لرصد الصواريخ في دولة أذربيجان المجاورة لإيران، حلًّا للأزمة بين البلدين، حول الدرع الصاروخية التي تريد واشنطن توسيعها في أوروبا، وهو ما قابله بوش بـ «ايجابية»، معتبراً أنه «مثير للاهتمام».وقال بوتين، بعد اجتماعه مع الرئيس الاميركي، إنه سبق أن تحدّث مع رئيس أذربيجان، إلهام علييف، الذي وافق على اقامة قاعدة في بلاده يمكن استخدامها من روسيا والولايات المتحدة. ورأى أن الولايات المتحدة وروسيا لن تواجها أي مصاعب إذا قامتا بالعمل معاً علناً بشأن قضية الدفاع الصاروخي.
ولم ينسَ بوتين التأكيد أن بلاده بحثت بعناية مقترحاً اميركياً للتعاون بشأن خطط الولايات المتحدة اقامة درع صاروخية في بولندا وجمهورية التشيك، لكنه أصرّ على الأفكار الخاصة التي تقترحها بلاده للأزمة.
من جهته، رأى بوش أن مقترح الرئيس الروسي «مثير للاهتمام»، ودعا الخبراء إلى دراسته، بحسب ما ذكر مستشار الامن القومي الاميركي ستيفن هادلي بعد اللقاء.
ووصف بوش محادثاته مع بوتين بأنها كانت صريحة وبنّاءة. وقال «سنواصل الحديث عن الدفاع الصاروخي فى الأسابيع المقبلة».
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن روسيا مستعدة للمشاركة الكاملة في كل البيانات الفنية من محطة رادار جابالا مع الولايات المتحدة. وأضاف أن الحل الذي عرضه بوتين سيؤدي الى تخفيف كبير في حدة التوترات، مضيفاً أن «قلقنا سيزول».
وقال بيسكوف إن «الولايات المتحدة تحتاج إلى المزيد من الوقت لدراسة الجوانب السلبية والايجابية للعرض الروسي. إنك لن تتوقع استعداداً فورياً لقبوله, هذا أمر معقّد وحساس».
وأفادت وكالات أنباء روسية أمس، بأن التعاون الذي يقترحه بوتين في أذربيجان، يتجاوز مجرد الاستفادة المشتركة من محطة الرادار، لأنّ قبول الولايات المتحدة بالمقترح الروسي، «سيؤدي إلى استبعاد احتمال سقوط حطام الصواريخ على أراض أوروبية، لأنها ستكون قد سقطت في البحر».
غير أنّ المتضرّر من المقترح الروسي والترحيب الأميركي، كان رئيس الوزراء التشيكي ميريك توبولانيك الذي يواجه معارضة أكثر من ثلثي شعبه للدرع الصاروخية الأميركية المزمع نشرها في بلاده. وفي ردّ فعل أوّلي على المقترح الروسي، تحفّظ توبولانيك على المبادرة المذكورة. وقال أمس في براغ إنه «إذا عدلت الولايات المتحدة عن خططها بشأن تنصيب محطة رادار في التشيك، فإن ذلك ناتج من محاولة بوتين إعادة وسط أوروبا منطقة نفوذ روسية». إلا أنّه رأى «مجرّد استعداد بوتين للتحدث مع بوش بشأن نظام الدفاع الصاروخي بمثابة تحوّل».
وكانت أجواء التبريد قد سيطرت على التصريحات الرسمية الأوروبية والأميركية في اليومين الأخيرين بهدف «إزالة ردود الفعل المفرطة» في النقاش حول نظام الدفاع الصاروخي، حسبما سمّاها بوش. وسبق اللقاء الرسمي بين الرئيسين الأميركي والروسي، حوار هادئ بينهما على هامش عشاء العمل للزعماء المشاركين في قمة الثماني مساء أول من أمس في منتجع هايليغندام الألماني.
وقبل اللقاء، تلقّى بوتين دفعةً معنوية مزدوجة في شأن الخلاف الروسي ــــــ الغربي. فكرّر آخر زعماء الاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشيف، موقفه الداعم لرئيس الكرملين، محذّراً من تكرار الحرب الباردة بسبب التصرفات والسياسات الأميركية الأحادية و«المتغطرسة».
وامتدح الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز «صلابة» بوتين. وحذّر من «صقور واشنطن» الذين «يمثلون تهديداًً حقيقياً للعالم بأسره». ووصف العلاقة الحالية بين موسكو وواشنطن بأنها «الحرب الحقيقية الساخنة».
(أب، أ ف ب، يو بي آي، د ب أ، رويترز)